المعركة المشقة والصعبة: من اجل للحصول على الأوراق المدنية

أحد, 10/12/2017 - 02:22

فالبرغم من حصولهم علي الحرية، يواجه العبيد السابقون معضلة أخري في حياتهم الجديدة، ليست بسهلة المنال، تكمن في عدم حيازة أو الحصول علي أوراق مدنية، مما يعزز الانطباع، بأن كسب الحرية لا يعني حتما الولوج إلي الكرامة.

غير متعلمين أو ذوي تدريس ضئيل و لا شيء بحوزتهم، ربما القليل، يجد العبيد السابقون أنفسهم أمام إحباط تام، يقاومون من أجل البقاء، مع الصعوبة في تحديد هويتهم، لعدم تقييدهم في سجل الحالة المدنية.

 

مبارك ولد محمود محمود، ممثل نجدة العبيد في ولاية آدرار، يتطرق إلي هذه المشكلة، بقدر كبير من المعرفة:

"لا توجد أي إمكانية، للعبيد السابقين، للحصول على وثائق الحالة المدنية. فيتم اعتبارهم، لعدم وجود أهالي، أب أو عم مقيدين في سجلات الحالة المدنية، قادمين من أي مكان. إنها حلقة مفرغة. وحتى لوَ جِيءَ بشهود، فيتعرضون حينها برفض القضاة."

انه واقع مر، يواجهه الضحايا السابقون، في جميع أنحاء البلاد، كالغالبية العظمى من الموريتانيين الذين يسعون إلي ضمان حياة جديدة لأنفسهم.

إن عدم حيازة و حصول العبيد السابقين علي وثائق مدنية، يحيل دون إمكانية تقديم شكوى أو حتى، بإعداد توكيل.

وفي هذا المضمار، تتجلي حالة العيد، الذي هرب من قبضة أسياده منذ أربع سنوات والذي يزعم انه ضحية استعباد من لدن أقارب أسرة دينية في آدرار.

 

فعلا، لقد امتنعت السلطات القضائية من ضبط شكوى العيد، من أسياده، الذين ما زالوا يحتجزون، حسب ادعاءاته، أمه وأخواته،  بذريعة "إنها قد تكون غير حقيقية".

ولقد تمكنت خيرا منت حبت، التي تقول إنها ولدت إبان فيضانات اطار، سنة 1984، من الحصول علي وثائق الحالة المدنية - الاستثناء الذي يؤكد القاعدة-، بفضل حنكة مبارك ولد محمود.

"لقد قمنا بتخليصها ليلا من بلدة تورين، سنة 2007، بأمر من العدالة و برفقة الدرك.  والغريب في الأمر، إنها تمكنت بمساعدتي وبفضل بطاقة هوية مزورة، أعدها لها سيدها و"أبوها غير العلني"، أثناء الانتخابات، أن نصدر لها ولباقي أسرتها، أوراق ثبوتية.

ورغم ذلك، فإنهم لا يجدون اليوم مصدرا للعيش الكريم كما إنهم يسكنون في قطعة أرضية تعود ملكيتها إلي خصوصي" (1).

 

"الإبادة الجماعية البيومترية"

 

انه لمن الصعب جدا، الاندماج في المجتمع الحديث، دون حيازة أوراق مدنية، كما أن غياب تلك الوثائق يظل عائقا أمام الانخراط الاجتماعي والمهني و حتي انه من المستحيل الإحساس بأنك مواطن (لا يسمح التصويت في الانتخابات لغير المقيدين في سجلات السكان)، كما انك لا تستطيع أن تشارك بقوة في بناء الوحدة الوطنية، التي تتظاهرالحكومة الموريتانية علنا بالسعي من اجل تحقيقها.

 

"تقع منطقة دغفغ، البلدية المنسية، علي بعد 620 كلم من العاصمة نواكشوط، حيث يبلغ سكانها تسعة آلاف شخص تقريبا. ويوجد في هذا التجمع السكني، مئات الأسر بدون أوراق مدنية.  ويقطن أسياد تلك الأسر التي تمارس الزراعة والتي تتكون كلها من عبيد سابقون (احراطين)،  علي بعد 25 كيلومترا من هنا.

وفي فصل الأمطار، تحيط المياه المتدفقة ببلدة دغفغ و يصبح التنقل عبر الطريق غير ممكن، لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر.

"وبما أن الدولة لم تأتي أبدا إلي هناك و بما أن أقرب مركز للتقييد يوجد علي مسافة 30 كيلومترا من التجمع السكني الأنف الذكر، فقد دفعت اليوم، كل هذه المفارقات، الشباب إلي التظاهر والي رفض الوضعية التي يوجد فيها الأهالي، مطالبين بالاعتراف بحقوقهم "، يقول صامبا دياغانا، مكلف بالاتصال في لجنة السلام بحركة ايرا الانعتاقية (2).

إن الأشخاص الذين لا يمتلكون بطاقات هوية، والذين غالبا ما ينحدرون من مكونات لحراطين و الزنوج الموريتانيين، يصطدمون بإدارة غير متعاونة وغير جدية في معالجة المطالب.

هذا ما أشار إليه ساموري ولد بي ، في رسالة بعثها  إلى الأمين العام للأمم المتحدة :

 "يواجه لحراطين صعوبات جمة في التقييد في سجل السكان، نظرا إلي أن غالبيهم ليست لديها أوراق و أن بعضهم لا يتمتع بأي هوية من جهة الأبوين، سوي أسيادهم الذين قضوا معهم كل حياتهم.

إن الدولة لم تأخذ بعين الاعتبار هذه الوضعية كما أنها لم تقم بما يلزم في هذا الشأن من اجل تقييدهم، ساعية إلي تحقيق مآرب أخري، كخفض وزنهم الانتخابي والحد من عددهم  الديموغرافي الرسمي، في اطار إيديولوجية التميز العنصري والعرقي". .

 

وتتساءل هنا منظمة ايرا الانعتاقية، ما هو مصير الأشخاص غير المقيدين في سجل السكان وكذلك ضحايا "الإبادة الجماعية البيومترية ؟

 

"سيصبحون عديمي الجنسية في وطنهم؟ وهو بالطبع أمر غير مقبول. فإلي أين يتجهون، مع حرمانهم من حقوقهم المدنية؟ انه من اللازم أن يتم تطبيق نفس المعايير على الجميع.

أن الطوارق قدموا سنة  1992 إلي موريتانيا واتخذوها موطنا، اثر الحرب الأهلية التي ضربت شمال مالي، كما أن الصحراويون، كانوا موجدين بالفعل والي الأبد في البلاد.

ولا أحد يجرؤ على قول أي شيء. و ألأسوأ من ذلك، هو الغياب التام لأي مخرج، حين نواجه الرفض المطلق. وهو أمرغير مسبوق في دولة القانون".

ويطالب في هذا المضمار، الأمين العام للتحالف الشعبي التقدمي، لادجي تراوري، بالقيام ب "إحصاء شامل وجامع للشعب الموريتاني، نصدر على أساسه جميع الوثائق المؤمنة و نقوم بتحديد نهائي، على أساس،  أولا وقبل كل شيء، تعداد عام، كامل، موضوعي وشفاف. انه من الضروري التخلص من الغموض  الذي يحيط بهذا المشروع" (3).

ويرى العديد من المراقبين أن المشاكل المتعلقة بالحالة المدنية تفاقم الشعور بالظلم وتعزز العمل غير المشروع وإفلات المتهمين بارتكاب جرائم الاتجار بالبشر من العقاب.

 

 

إتيام مامادو

تم انجاز الملف في اطار مشروع: "حرية، قانون وعدالة: محاربة  الرق عن طريق النسب في موريتانيا" بالوزارة الخارجية الأمريكية.

 

-------------

(1) جريمة استعباد عندما:  تتخذ العدالة المماطلة ذريعة للتخلي عن مهامها

(2) " الرق والتمييز في الجمهورية الإسلامية الموريتانية: تحدي الإنكار" ماري فوري، محامية

(3)

http://www.cridem.org/C_Info.php?article=58271)