بيرام يشيد بـ ابن سلمان ويهاجم الرئيس ويتحفظ على تواصل ويذكر بولد امخيطير

ثلاثاء, 02/01/2018 - 09:02

سؤال : السيد بيرام ولد الداه ولد اعبيد، لو بدأنا بسؤال حول رأيكم في ما يجري على الساحة الدولية وخاصة الإسلامية منها، فالعالم شهد مؤخرا حدثين كبيرين ومفصليين في التاريخ البشري الحديث، أولهما تمثل في هزيمة الدولة الإسلامية (داعش) والقضاء عليها، وثانيهما ما تشهده السعودية من تحول راديكالي يتمثل في الإصلاح الديني، فماذا ترون؟

جواب: تاريخ ظهور واندثار الحركات الإرهابية طويل ومتشعب يضيق المقام عن الحديث فيه ولو توجب، من باب التوضيح، ذكر بعض النماذج التي تصل فيها الأمور إلى حد التكفير ومن ثم هدر الدم، وأحيانا التصفيات والاغتيالات، وخوصصة الحكم والفتاوي والأحكام الشرعية. وقبل مثال داعش و أخواتها القريب، ثمة أمثلة غابرة عصفت بدول ومجتمعات مسلمة. فأول شرارة من هذا المسلسل المزمن بدأت بقتل بعض الممتعضين من أبناء الصحابة رضي الله عنهم، الخليفة الثالث عثمان ذي النورين سنة 35 هـ، وما تلا ذلك من اضطرابات عرفت في التاريخ الاسلامي بـ"الفتنة الكبرى" التي كرسها تيار الخوارج التكفيري البدعي العنيف الذي تمرد على الخليفة علي كرم الله وجهه الذي انعقدت له بيعة المسلمين.  وبدأ العنان يترك سائبا للأحكام والفتاوي المخرجة من الملة وما نتج عنها من حروب واغتيالات وسفك للدماء أدى إلى انحراف نمط الحكم الراشدي وفت في عضد الأمة بالانشغال، منذ ذلك الزمن، بالصراعات الطائفية والبينية. ومن الوارد أن نبين أن قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه كانوا يرون أن جور وظلم قرابة عثمان من أسرة بني مروان وبطن بني أمية يمثل إعادة للكرة للطلقاء من قريش على المهاجرين و الأنصار و وبداية انتقامهم من الرعيل الأول من صحابة رسول ألله صلى الله عليه و سلم و خاصة المستضعفين منهم.

وإذا كان أبو ذر الغفاري  وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر رضوان الله عليهم ليسوا من قتلة الخليفة عثمان ولا يمكن بحال من الأحوال أن يشاركوا في التحريض على قتله بسبب تدينهم وعفتهم ومكانته هو، إلا أنهم كانوا من كبار معارضي الاستئثار الأموي بالسياسة والثروة على حساب المستضعفين و"الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق".

الملاحظ عموما أن جذور التطرف العنيف ترتبط دوما بالحيف والملك العضود.   إن ما يفسر ظهور داعش -كمثال قريب على هذه الحركات- بالإضافة إلى انتشار الفهم السقيم للنصوص، هو ما يعانيه الناس من جور وإقصاء وتهميش يفرض الشباب على البحث عن أي مخلص مهما كانت طبيعته والتحالف حتى مع الشيطان. إن ما تعيشه الأمة، ويعيشه العالم من ويلات التطرف، يعطينا فرصة لأخذ الدروس والعبر مما قد ينجم عن سياسات أنظمة شمولية وديكتاتورية تسلب مواطنيها حقوقهم وتمارس عليهم الظلم والحيف،  فمثلا كان حكم صدام حسين، رحمه الله، قاسيا دمويا استطاب خلاله القتل ضد طائفة الشيعة ورموزها كما مارس التنكيل والإذلال والتهجير ضد معارضيه، وظلم وأهان جيرانه. ومن ضمن ما لجأ إليه مقاومو حكم صدام أمرين خطيرين هما تبني قوة غزو واحتلال أجنبية وتبني أفعال انتقامية طبعت سياسة اجتثاث البعث وقامت على التشفي والتمثيل العلنيين المقززين ضد صدام حسين نفسه بعد المقدرة عليه. ومن هنا انطلقت داعش لتضم فلول البعثيين ولتستغل في الصراع القديم بين الشيعة والسن ولتكون سيفا مسلطا ضد الكل.

سؤال: إذن فأنتم ترجعون إلى نفس الأسباب الفتنة الكبرى في العقد الرابع الهجري و فتنة داعش الآن؟

بيرام الداه اعبيد:  كل أشكال العنف خطورة، وهي مرفوضة من طرف كل نفس سوية، ولكن العنف المراد منه قتل النفس البشرية تحت غطاء الواجب الديني المقدس تكمن فيه خطورة مضاعفة لا تبقي ولا تذر. وهذه هي المجازفة الجهنمية الكبرى التي أقحَم فيها الخوارج مجتمع الصحابة وتابعيهم رضوان الله عليهم، وأقحَم فيه بعض منظري الجماعة الإسلامية دولة مصر خلال حكمي جمال عبد الناصر وأنور السادات وأقحم فيه بعض الجهاديين الجزائر، نفس الفكر تبنته  القاعدة وطالبان على نطاق أوسع، وتبناه علماء مسلمون فيما يخص ليبيا وسوريا، وعلى خطى القاعدة وطالبان سارت داعش منطلقة من العراق لتنشر صور الأشلاء البشرية المتناثرة باسم الدين الإسلامي في جميع أنحاء المعمورة.  ولكن الشرارة الملتهبة المباشرة لخطوة الدمار هاته تكمن جذورها في الإفراط في التجبر والظلم وغيرهما من تجاوزات تعتبر السلط السياسية حاضنة لها. فمروان بن الحكم بن أبي العاص والوليد بن عقبة بن أبي معيط وغيرهما من مهاجرة الفتح الأمويين ذكرت عنهم كتب السير حصيلة جمة من الجور السلطوي واستغلال النفوذ في حق مجتمع المدينة المنورة والأمصار. أما الرموز والمرشدون من الحركة الإسلامية في مصر فقد طالتهم الإعدامات والمحاكمات الشمولية، وألقى الجنرالات في الجزائر النصر البين للجبهة الإسلامية للإنقاذ فسجنوا وعذبوا وحظروا،  كما قام الأسدان والقذافي والحكم الشيعي والإحتلال الأمريكي في العراق بالاستهداف السافر للطائفة السنية، ففظاعة الظلم توحد أسباب ظاهرة الدعوة للقتل بالتكفير.

وثمة مفارقة نشاز تتشكل في موريتانيا منذ عدة سنوات من خلال حكم العسكر المرتكز على الفوقية "العربية" والانتقاء العرقي والتمييز الطبقي، ففي محاولة النظام القائم تحييد و الحؤولة دون الحتمية الديمغرافية والديمقراطية، وكذا حتمية نفاذ القوانين الوطنية والدولية، عمد محمد ولد عبد العزيز إلى  التحالف الفعلي مع أوساط القومية العنصرية الضيقة المنتهجة  للخطاب التكفيري والشوفيني تجاه دعاة حقوق الإنسان ودولة القانون وخاصة دعاوي إنهاء العبودية. وتميز حكم محمد ولد عبد العزيز بالاستقواء بمنظرين وقادة بارزين للتيار المتطرف العنيف وتسربهم داخل مفاصل الحكومة والرئاسة والمؤسسات الدستورية والجمعيات التكفيرية والمساجد المرتبطة بالرئاسة وإدارة الأمن العام والمخابرات. وتميز أيضا باللجوء إلى التكفير لكبح وإسكات الحراك المطلبي المجتمعي للفئات المستضعفة من خلال تمترس أساطينه وادعائه العام ومحاكمه وصحافته وأئمته وعلمائه وراء اتهامات ذات دلالات وشحنة دينية لم تستخدم قط في هذا البلد المسلم السني الأشعري. الاتهامات بالردة، والزندقة، والاساءة إلى الجناب النبوي الشريف، والتحالف مع الصهاينة ومع الصليبيين، أصبحت هي لسان الحال الوطني، والقضاة يميلون، تحت ضغط المفاهيم الغوغائية، إلى مثل هذه التهم وإلصاقها ببعض المدافعين عن حقوق المستضعفين بغرض التنكيل بهم وجعلهم عبرة لمن يعتبر من المجموعات العريضة المسحوقة. ومن ناحية أخرى نستخلص العبرة من بعض البلدان التي لم تستشعر خطورة غض الطرف عن أنشطة بعض التيارات التكفيرية داخل المجتمع إلى أن استفحلت وتحكمت. إن غض الطرف عن حراك الجماعات التكفيرية ينتج عنه تدجيلهم للشباب وخلق أتباع لهم من المتشددين الذين يشكلون قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت داخل البلد أو خارجه.

معروف أنه على مدى قرون كان المذهب الوهابي السعودي الحاضن والمصدر للأفكار السلفية الجهادية، بل وكان للسلفيين الجهاديين نفوذ واسع في السعودية التي مولت تلك الحركات التكفيرية كالقاعدة وابنتيها داعش والنصرة، وقد انعكس الأمر  سلبا على السعودية كبلد وعلى عدة أصعد منها ما هو جيوسياسي (تنامي قوة إيران في المنطقة لحملها لواء محاربة السلفية الجهادية) ومنها ما يتمثل في تهديد داخلي للسلطة، على اعتبار أن 70% من السعوديين ينتمون لفئة الشباب الذي صارت تظهر عليه بوادر رفض سياسي وعقائدي للواقع الذي تتخبط فيه المملكة منذ عقود، ولعل ذلك كان السبب الرئيسي الذي دفع بالملك سلمان بن عبد العزيز إلى تعيين إبنه الشاب محمد (البالغ من العمر 31 سنة) وليا للعهد ليواكب هذا المعطى والتحول في المجتمع. وقد بدأ الأمير مباشرة بعد تعيينه بالإفصاح عن رؤيته الإصلاحية، متخذا إجراءات عملية في مكافحة الفكر المتطرف (توقيف وسجن بعض منظري الفكر كسلمان العودة، عوض القرني  وآخرين، و توقيف بث برامج تلفزيونية تنشر نفس الفكر) ، كما قام بخطوات جادة لمكافحة الفساد، ناهيك عن قرارات أخرى ذات طابع اجتماعي انفتاحي، كالسماح للمرأة بالقيادة، وبحضور المهرجانات الثقافية والرياضية، وهناك قانون جديد للسماح لدور السينما بالعمل والنشاط على أرض المملكة، إلخ...

إن الإصلاح الديني وسياسة الإنفتاح التي باتت تتبناها وتعمل عليها المملكة السعودية، بشرى للعالم وخاصة الإسلامي منه، حيث سيساعد ذلك في تجفيف منابع الإرهاب الفكرية وحتى مصادر تمويله، بعدما عاثت حركاته فسادا وقتلا وتدميرا في العالم على مدى العقود القريبة والقرون السحيقة.

سؤال :  حسب رأيكم، ماذا يجري في المملكة العربية السعودية من ما يقال أنه توجه للأمير محمد بن سلمان للإصلاح، وكذلك ما يجري في الإمارات العربية المتحدة  ؟

بيرام الداه اعبيد : المفارقة العجيبة أن النظام الحاكم في موريتانيا يبدأ بحراك رجعي معاكسا تماما لتوجه حليفيه الأساسيين السعودية والإمارات فيما يخص معضلة التطرف العنيف. فالرئيس الموريتاني وزمرة اليمين الأقصى المتطرف المتمسك بخط الحكامة العنصري ونمط العيش الاستعبادي في موريتانيا، والرافض لإحقاق دولة القانون والتناوب الديمقراطي، هذا النظام بدأ، منذ سنة 2012 حينما توسع نطاق حركة الحقوق المدنية الموريتانية المناهضة للرق والتميز العنصري وتكريس الإقصاء لطبقي، بدأ يتحالف مع الأوساط القبلية والإقطاعية وروابط الأئمة و الفقهاء المهيكلة داخل مزيج من الفكر الوهابي التكفيري ونظرية الفوقية العنصرية "للعرب" تجاه البربر والطبقات المسترقة والسود الأفارقة الموريتانيين. و منذ ذلك الوقت قام نظام محمد ولد عبد العزيز بتبني خطاب التطرف العنيف، كما قام، في سابقة في تاريخ هذه الربوع، بتبني مفاهيم قانونية-فقهية كالردة والزندقة، والمساس بمقدسات المسلمين ومشاعرهم وحمل أهل الفتاوي والتشريع على تكييف هذه التهم ضد من يشكلون معارضة جذرية ومزعجة لنظامه أو نظام مجموعته، وبهذا تغلغل أئمة التطرف الديني العنيف في مفاصل الدولة وقوات الأمن والصحافة وعالم المال، وطغى خطابهم في المساجد والشارع، وأصبحت موريتانيا هي البلد الوحيد الذي يتبنى بصفة رسمية لفكر الدواعش والمتطرفين.

فالحكم الموريتاني بدأ فعليا يركب موجة الإرهاب التي بدأت السعودية والإمارات تفكك اترتباطاتهما معها؛ فالأمير محمد بن سلمان حرم الخطابات والدعوات المغذية للإرهاب والتطرف، و بدأ بتجفيف منابع تمويل التطرف، وبدأ يفتح الحريات للمرأة والآفاق أمام الشباب، كما أن المملكة احتفلت بالذكرى الأخيرة للمولد النبوي الشريف. وأظن أن دينامية الإصلاح والإنفتاح والرجوع إلى الإسلام الوسطي المحمدي الأصيل في السعودية والإمارات انطلقت بدون رجعة، وسينذر هذا التوجه المبارك بالمزيد من العزلة والتقهقر للأحكام و الجماعات التي كانت تراهن على الغطاء الرمزي و المالي والشرعي الذي كانت توفره دولة تحوي الأراضي الطاهرة والمقدسات الكبرى كبيت الله الحرام والروضة الشريفة.

سؤال : شكرا لكم السيد بيرام ، ونستطيع الآن بعد هذه القراءة لجانب مهم من المشهد الدولي ، الحديث عن أوضاع بلدكم بدءا بجانبها السياسي ، فما هو تقويمكم لعمل وسياسات الرئيس الموريتاني ، وهو على أبواب إنتهاء مأمورياته التي يسمح له بها الدستور ؟

جواب : كل الشواهد والمعطيات تثبت بأن سنوات حكم نظام ولد عبد العزيز كانت كارثية على البلد في جميع المجالات والقطاعات، فمن الناحية السياسية بدأ حكمه بانقلاب عسكري على رئيس مدني منتخب ، تلا ذلك تسخيره للمؤسسات، تشريعية كانت أو قضائية، لترسيخ حكمه والتخلص من معارضي سياساته، وحتى المؤسسات الإعلامية والمالية لم تسلم هي الأخرى من التوظيف لفرض سلطته وإلحاق الضرر بكل من يعبر عن رفضه وشجبه للوضع المزري الذي آل إليه البلد، فقد تم سجني والتضييق علي وعلى كثيرين وتمت شيطنتنا عن طريق الإعلام، ومازال لدينا بعض السجناء من الحركة وآخرون من غيرها كالسيناتور ولد غده وبعض النشطاء الشباب.

نظام ولد عبد العزيز نسخة طبق الأصل لكنها رديئة السحب من نظام ولد الطايع  الذي ارتكز على تشجيع القبلية وتقويتها لمواجهة التيارات الإيديولوجية التي تتبنى وتدعو لمدنية المجتمع ودمقرطة الحكم، بل ودفع بالمجتمع إلى صراعات عرقية وطبقية للإبتعاد أكثر عن مواكبة العصر وما فيه من مدنية وانفتاح يتعارضان وينبذان  أي نوع من الأحكام الشمولية.

لقد صارت موريتانيا، وبعد عقود من هكذا سياسات، تجسيدا لنمط الحكم الذي كان سائدا في أوروبا القرْوَسَطية، فالنظام الحاكم اليوم يستند على ركيزتين أساسيتين: جنرال وبطانته من شيوخ القبائل وكبار التجار والأقارب "النبلاء"، وعلماء "طاعة ولي الأمر" الأشبه بكهنة الديّرة والكهوف. بينما ترزح غالبية الشعب تحت نير عبودية متفاوتة الدرجات.

سؤال : قلتم بأن علماء الدين صاروا يشكلون ركيزة في النظام، كيف ذلك ؟

جواب : من المعروف والمشاهد لجوء الأنظمة الاستبدادية الشمولية إلى خلق وركوب موجة العواطف الوطنية أو الدينية لترسيخ حكمها وضمان ولاء شعوبها، وإن كان نظام ولد الطايع قد استخدم الأولى (العاطفة الوطنية بخلق أزمة عرقية - سياسية مع السنغال) فقد واصل ساعده الايمن ووريثه محمد ولد عبد العزيز نهجه، ولكن باستخدام العاطفة الدينية هذه المرة، ويتجلى ذلك، منذ بداية استيلائه على السلطة، ب قطع العلاقات الشكلي مع اسرائيل بحثا منه عن ما يمكن أن يدر من تعاطف ديني، ومن ثم إفساح المجال إعلاميا وميدانيا لبعض العصابات الإسلاموية لتصول وتجول ومن محركيها شخصان معروفان بالفجور و الفسق  محام متحايل ومخابر مشعوذ، فاتاح اهما النظام المنابر الاعلامية والمهرجانات الجماهرية لتكفير قادة المجتمع المدني والسياسي والناشطين فيه، بمعنى آخر تكفير كل المناضلين من أجل مجتمع مدني يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات.

إن النظام الموريتاني يبيع نفس البضاعة في الأسواق العالمية كما في داخل البلد، بمعنى أنه وفي نفس الوقت الذي يشارك ضمن مجموعة دول الساحل في مكافحة الإرهاب ليكسب دعما سياسيا وماديا دوليا لنظامه، يقوم في الداخل بخلق الجو المناسب والظروف المواتية لنمو وانتشار الفكر المتطرف ليستخدمه ضد مناوئيه السياسيين بغية حرقهم سياسيا بتكفيرهم في نظر مجتمع تقليدي ما تزال المحاظر (الكتاتيب) الخارجة عن تاطير ورقابة مساطر التعليم الرسمية تلعب فيه دورا كبير، فلهف دراويش هذه المحاظر لريع الهيئات الوهابية التكفيرية يطلق له العنان في ظل التحالف المتنامي بين نظام ولد عبد العزيز وممثلي الوهابية الجهادية في موريتانيا.

سؤال : التيار الإسلامي النشط في موريتانيا ، مرجعيته إخوانية ، ومن المعروف بأنهم يحاولون الوصول إلى الحكم عن طريق المشاركة السياسية وليس بالسلاح، فما هو موقفكم ورأيكم في هذه الجماعة - الحزب السياسي ؟

جواب : أود أولا الإشارة لأمرين: أولهما أني ضد تقسيم ممتهني  العمل السياسي إلى مسلمين وغير مسلمين (ولو ضمنيا)  من خلال وصف حزب بأنه إسلامي في دول من المفروض بأن مجتمعاتها مسلمة، وثانيهما تذكيركم بأن حركة الإخوان المسلمين لم تسلم - كما العادة في الحركات و الأحزاب - من وجود عدة تيارات وتباين في الرؤى والأهداف وطرق العمل في داخلها، ففي نفس الوقت الذي يسمح نظام أردوغان في تركيا بتعدد الديانات والمذاهب وتعايشها بسلام، نجد تضييقا في مصر، اليمن، ليبيا وموريتانيا من أتباع هذه الجماعة على حرية المعتقد والتفكير، وقد أظهرت قضية ولد امخيطير في موريتانيا هذه الحقيقة لتبني بعض رموز هذا التيار حكم الإعدام والمطالبة به في حق المعني. وتجدر الإشارة هنا إلى أن ولد أمخيطير مازال سجينا رغم تبرئته، مما يدل على تدخل النظام في القضاء ونزوله عند رغبة حلفائه من فقهاء التطرف العنيف واستخدامه للعاطفة الدينية كسلاح سياسي.

واريد ان اثمن هنا تبني جناح معتبر من التيار ذي الخلفية الاسلامية لقضية الارقاء والارقاء السابقين لحراطين في موريتانيا وظهر ذلك جليا بتعبير قوي خلال المؤتمر الاخير لحزب التجمع الوطني للاصلاح والتنمية، كما قام هذا الجناح بخطوات جبارة اتجاه مجموعات السود الافارقة الموريتانيين الرازحين تحت نير العنصرية والتميز، الا ان  بعض الأوساط المحسوبة على هذا التيار مازالت تساير بعض الدعوات المتمترسة بالدين لمناهضة الانعتاق.

سؤال : مازالت ردود العالم وتداعيات اعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل متواصلة، فما موقفكم من القضية ؟

جواب : موقفنا من القضية الفلسطينية لم يتغير ، وقد عبرنا عنه مرارا في مناسبات عديدة، فنحن ندعم القضية الفلسطينية من باب الإنسانية والحق والقانون. إننا ندعم حق الفلسطينيين في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل في وضع ينعم فيه الجميع (المسلمون، المسيحيون، اليهود) بالأمن والسلام وحرية ممارسة معتقداتهم.