سجين يروي تفاصيل الايقاع به من قبل "فتاة" الشرطة -تفاصيل صادمة

ثلاثاء, 03/11/2020 - 19:57

العدل / الديوان/ رقم 6 / القضية رقم 509

 نشأة مؤامرة بوليسية

من أجل فهم عميق لتتابع الأحداث، من المفيد هنا أن نذكر أنني أمضيت يوم الخميس 6 أغسطس 2020 في المنزل بحضور جميع أفراد الأسرة.

في نفس اليوم حوالي الساعة 14:40 ، تلقيت مكالمة هاتفية من  محمدا شيخنا ، وهو جار سابق وصديق طفولة كنت قد فقدت رؤيته منذ فترة طويلة. أبلغني أنه وصل لتوه إلى نواكشوط برفقة صديق له من الشمال (منطقة غسيل الذهب) ثم طلب مني أن ألتقي معه أمام المدرسة التركية المقابلة للسفارة الأمريكية. بما أنني اسكن على بعد 200 متر من المكان المحدد للقاء. لذا كان لزاما علي أن أتوجه إلى المدرسة التركية المذكورة وبعد هنيهة وصل محمدا شيخنا وصديقه إلى عين المكان.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا المشهد تم تصويره بشكل لا يقبل التشكيك بواسطة كاميرات المدرسة التركية وكذلك كاميرات السفارة الأمريكية، وهذه العناصر من المعلومات والتوقيت تعتبر حاسمة في هذه القضية.

بعد الظهر من يوم الخميس، غادرت متوجهاً إلى عملي الذي لم أعد منه إلى المنزل قبل منتصف الليل بعد الانتهاء منه.

صباح الجمعة 7 أغسطس، غادرت منزل العائلة تاركًا ضيفي وصديقه نائمين للذهاب إلى الحلاق وحوالي الساعة 12 ظهرًا، تلقيت مكالمة هاتفية من محمدا شيخنا طلب مني الحضور لأن صديقه، كما أخبرني، قد اختفى وأخذ ما كان بحوزتهم معه.

جئت على الفور، وقد أحدث محمدا شيخنا  ضجة في نقطة ساخنة وهو غاضب جدًا أمام حشود الناس وقرر إرجاع الهاتف الذي اشتراه مساء الخميس و في هذه الأثناء، ألقى عناصر من الشرطة يرتدون ملابس مدنية القبض عليه وهو يسير باتجاه السيارة التي استأجرها ليلة الجمعة. عند مشاهدتي ما يجري، توقفت بشكل غريزي، وركبت سيارة أجرة إلى المنزل.

وصل والدي إلى المنزل في نفس وقت وصول الشرطة وطلب منهم توضيحا فأوضحوا له أن القضية مرتبطة بمحمدا شيخنا  الذي لديه سوابق عدلية، كما قالوا أنهم عثروا على سلاح (مسدس) في سيارته وبما أنني كنت صحبته، كان من المفروض أن أتبعهم.

هذه هي الظروف التي تم فيها اعتقالي، لذلك فإن خطئي الوحيد هو أنني استقبلت صديق قديم لي في منزلي كنت أجهل ماضيه تماما.

مكثت في مفوضية تفرغ زينة 1 مدة أسبوع، لم يحدث شيء غير اعتيادي يومي الجمعة والسبت، لكن يوم الأحد 9 أغسطس: حدث ما لم يكن في الحسبان: فقد أخرجتني الشرطة من وراء القضبان، وأقامتني بين محتجزين من جمهورية مالي، ثم جاءت شابة ملثمة برفقة شرطي بملابس مدنية ملثما هو الآخر، ردت المعنية دون اقتناع: "يبدو أن هذا الشاب في الوسط يشبه سائق التاكسي الذي سرقني الخميس الماضي". ثم أخرجت الشرطة المتهم الآخر محمدا شيخنا  الذي كان نائمًا ومع ذلك، تمسكت المرأة بموقفها. ويعتبر هذا الإجراء بعيدا عن الاحترافية. قد أقسمت بالله وبكل ما يمكن القسم به أنني لم أر قط هذه المرأة.

لم أكن أدرك أن مخطط الشرطة كان قيد التنفيذ وأجهل تماما الدوافع الحقيقية و الخلفية التي كانت سببا فيه و كل ما أعرفه هو أنه من الأحد 9 أغسطس إلى الأربعاء 12 أغسطس، ظلت الشرطة تقول لي "من الأفضل لك أن تجد تسوية مع المرأة".

 

تحليل محضر م.س:

أكد محمدا شيخنا في محضره أن المسدس كان فعلا ملكا له، وأنني لم أكن على علم بوجوده أصلا. لذلك أكد أن الصلة الوحيدة التي تربطني بهذه القضية هي أنني استضفته في المنزل، كما كان سيفعل ذلك أي موريتاني.

تحليل محضر مقدمة الشكوى:

وبحسب محضر الشرطة ، صرحت المدعية م.د.أ - وهي من مواليد تيارت - يوم الخميس 6 أغسطس الساعة 16.30 مساءً لتقول إنها استقلت سيارة أجرة  الساعة 15 مساءً من أمام نقطة ساخنة لتوصيلها إلى منزلها ، دون توضيح إضافي ،ومع العلم فأنها أثناء مثولها أمام قاضي التحقيق ، صرحت أن سيارة الأجرة كان يتعين أن تسير بها إلى منزلها في تيارت حيث تقيم. و أكدت أن سائق التاكسي كان يرتدي عمامة، حسب قولها، وأنه انتزع ما بيدها عند منعطف طريق ضيق، خلف "الحي K" ،تحت تهديد السلاح .حتى أنها زادت توضيحا لتقول بأن المسدس سقط في لحظة ما على الأرض وانطلقت منه رصاصة وبحسب المحض اصطحبت المدعية الشرطة إلى مكان الرصاصة الطائشة وتم العثور على رصاصة مطابقة ، بحسب الشرطة ، لمسدس محمدا شيخنا  .

يجب التعامل مع قصة الرصاصة الطائشة هذه بقدر كبير من التمهل وبحذر شديد لأنها تتعارض مع الأحداث المذكورة أعلاه، وتفتح فرضيات معقدة للغاية ذات عواقب وخيمة.

في الواقع، كيف سأتمكن من ارتكاب الفعل الذي اتهمتني به في حين أنني كنت في المنزل وقت الحادثة، ولم أتنقل إلا لاستقبال صديقي القديم؟ خاصة وأن كاميرات المدرسة التركية وسفارة الولايات المتحدة يمكنها تأكيد ذلك و حتى هاتفي يمكنه تحديد موقعي وقت الحادثة. أيمكن أن أقوم بتصرف بمسدس ليس بحوزتي ولا علم لي بوجوده ؟

و من هنا يفتضح السيناريو الذي لفقته الشرطة والمرأة، لأن العمل العدواني الذي زعم أنه وقع يوم الخميس 6 أغسطس بين الساعة 15 مساءً والساعة 15:20 مساءً(إذا ما تم اعتبار المسافة) يتزامن مع وصول  محمدا شيخنا  أمام  المدرسة التركية،  وهو يحمل حقيبته قادما من السفر. وستظهر كاميرات المدرسة وكاميرات السفارة الأمريكية، في الوقت المناسب، أن توقيت الاعتداء بالمسدس المعني من المستحيل في ظل تلك الظروف. وأنا حتى أشك في أن هذا الاعتداء قد وقع أصلا.

وهناك يتم التشكيك في مصداقية محضر الشرطة القضائية بتفرغ زينة 1، لأن مرتكب الفعل هو الذي بحوزته المسدس ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون أنا ؟  وفضلا عن ذلك، فإن تسلسل الأحداث وتصريح  محمدا شيخنا  مؤكدا أنه هو من بحوزته السلاح يثبت براءتي.

 ثم كيف يمكن لامرأة عانت من مثل هذه الصدمة أن يكون لديها حضور الذهن لتتذكر بالضبط مكان الرصاصة الشاردة؟

 بالتالي، كيف سأتمكن من ارتكاب مثل هذه الفعل المشين، والوصول إلى العمل، بعد ظهر يوم الخميس 6 أغسطس، يوم الاعتداء؟ يمكن للشركة التي أعمل بها وزملائي في العمل تأكيد أقوالي و علاوة على ذلك، يعلم الجميع أنني لا أمتلك سيارة.

إضافة لذلك، في تصريح المرأة المذكورة، لاحظت الكذبة الأولى، فقد قالت إن الشرطة اتصلت بها يوم الجمعة 7 أغسطس 2020 لمواجهتها مع المتهمين، وهذا غير صحيح. في الواقع، وقعت المواجهة يوم الأحد 9 أغسطس الساعة 13 زوالا كما هو مذكور أعلاه وقد أخطأت الشرطة في تحديد اليوم  وهو سبب آخر يؤكد شكوكي بوجود مؤامرة شرطة محتملة لانتزاع أموال من متهم.

 

المثول أمام قاضي التحقيق:

نظرا لغياب أدلة الادعاء في الملف، اقترح قاضي التحقيق مع ذلك تسوية مع المرأة المعنية. لقد وافقت والدتي المسكينة ، التي تدرك صعوبات الإجراءات القانونية  ورغبتها في إنقاذ وظيفتي بأي ثمن ، على دفع 20.000 أوقية جديدة على دفعتين، في 13 أغسطس و 15 سبتمبر 2020 لسحب الشكوى.

تم الإفراج عني، في نفس يوم مثولي الأول أمام قاضي التحقيق، في 13 أغسطس، وأنا أعلم أنه سيتعين على الحضور لدى الشرطة كل يوم اثنين.

الكذبة الثانية للمرأة هي أنه في محضر الشرطة وكذلك في سحب الشكوى، أعطت رقم هاتف غير شغال. وأبلغتها والدتي على الفور عند دفع القسط الثاني. أجابت المرأة "نعم الرقم صحيح فعلا". لذلك اتصلت والدتي علي نفس الرقم بحضورها و في مواجهة الأمر الواقع، أخذت المرأة حقيبتها وقامت بتفتيشها، وتمتمت "لقد سُرق مني..."

 

محكمة الاستئناف تضع حداً لحريتي

 لسوء الحظ بالنسبة لي ولعائلتي ولحياتي المهنية ، لم تدم حريتي سوى شهر ونصف. وبالفعل، استأنف المدعي العام قرار قاضي التحقيق الذي أفرج عني وفي يوم الاثنين الماضي، 28 سبتمبر، عندما كنت قادمة بهدوء لتوقيع حضوري لدى شرطة تفرغ زينة 1، قيل لي ببرودة إن الاستئناف كان إيجابيا ، وأنه ستتم إحالتي إلى السجن في نفس اليوم.

لكن ما يفاجئ حقا هو أني وأنا في حزن شديد ، شاهدت  نفس المرأة التي اتهمتني في مركز شرطة تفرغ زينة1. فتساءلت في نفسي لماذا هي هناك؟ ما هو ارتباطها بالشرطة؟ من هي هذه امرأة ؟ هل كانت متواطئة مع الشرطة لانتزاع الأموال من المتهمين؟ لا ينبغي استبعاد هذه الفرضية الأخيرة لأن العديد من المصادر المتقاطعة تظهر أن هذه المرأة لديها مركزان فقط للاهتمام: نقطة ساخنة والشرطة.

وخصوصا لماذا لا تظهر الشكوى الظالمة  للمرأة في سجلات الشرطة و إذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني أن هذه القضية لم تتبلور حقيقتها بأنها قضية ملفقة إلا يوم الأحد 9 أغسطس 2020 وفي غضون ذلك ، لم يعد من الممكن استغلال السجل لأن صفحة 6 أغسطس 2020 قد امتلأت بشكاوى حقيقية.

يجب إجراء تحقيق جاد لمعرفة الدوافع الحقيقية لهذه المرأة. فمن ثم اتهامها بالقيام بالتستر (RECEL)، هو أمر لا يمكن استبعاده. أعتقد أن هذه المرأة التي سحبت شكواها مقابل المال بطريقة غير مبررة جزء لا يتجزأ من هذه القضية ، ويجب ألا تفلت من العقاب.

يجب على القضاة أيضًا أن يتركوا امتثالهم و أن يخرجوا عن المألوف، لاستغلال تكنولوجيات المعلومات و الاتصال الجديدة، كلما لزم الأمر. وبالتالي، فإن الكاميرات التي استشهدت بها، وهواتف جميع المتورطين في هذه القضية هي أجزاء ذات أهمية كبيرة.

لسوء الحظ، يرسل العديد من قضاة التحقيق، دون مغادرة مناصبهم، الأبرياء إلى السجن بالاعتماد على "قناعتهم الراسخة" التي لا تتزعزع، واستناداً إلى وجوه المتهمين، وهو أمر عشوائي للغاية.

بعد أسبوعين من الاعتقال، وعدم القدرة على تبرير غيابي، فقدت وظيفتي، وأصبح مستقبلي كشاب مظلما بسبب مجموعة من الظروف التي لا أتحكم في أسبابها. بين الشرطة الفاسدة والقضاة الذين يمارسون بشكل قليل "افتراض البراءة" ، والذين لا يأخذون في الاعتبار العواقب الاجتماعية لفقدان الوظيفة خلال تفشي جائحة Covid-19 ، لم تكن لدي القوة لمواجهة كل ذلك.

ومع ذلك، ستنتصر الحقيقة في النهاية، وسأقاضي هذه المرأة والمتواطئين معها من الشرطة أمام المحكمة. في رأيي، من الواضح أن هذه المرأة تمارس التستر (RECEL)،  ويمكننا أن نخمن بسهولة لمصلحة من.

لقد كتبت هذا المقال خلافًا لنصيحة محامي ، حتى تعرف السلطات العليا في هذا البلد أنه في بعض أقسام الشرطة ، تحدث أشياء غير تقليدية. ويبدو أن شعارهم هو: "كرامة المواطنين تتوقف عند أبواب مراكز الشرطة".

في الواقع، في العديد من مفوضيات الشرطة، ودون علم المفوضين، تتغير المصائر بسبب السلوك الخسيس لبعض وكلاء الشرطة القضائية. تُعزى هذه الممارسات التي تشوه سمعة الشرطة الوطنية إلى حد كبير إلى الفراغ الكبير الذي تركه المفوضون الذين نادراً ما يتواجدون في مكاتبهم.

حان الوقت لأن تجتاح وزارة الداخلية عش النمل.

احمد سالم محمد

[email protected]