نص تقرير منظمة العفو الدولية عن موريتانيا

خميس, 23/02/2017 - 19:01

موريتانيا 2016/2017

واجه المدافعون عن حقوق الإنسان ومعارضو الحكومة محاكمات ذات دوافع سياسية، وتعرضت منظمات مناهضة العبودية بوجه خاص للاضطهاد. وفُرضت قيود على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي. وشاع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء الاحتجاز. وواجهت فئتان، تشكلان نحو ثلثي السكان، تمييزاً منظماً، كما تفشى الفقر المدقع في أوساطهما. واستمرت ممارسة العبودية.

المدافعون عن حقوق الإنسان

استُخدمت بعض القوانين، بما في ذلك تلك التي تغطي مسائل الإخلال بالنظام العام، ومقاومة القبض، والانتماء إلى منظمة غير مصرح بها، في محاكمات ذات دوافع سياسية للمدافعين عن حقوق الإنسان ومعارضي الحكومة، ولاسيما نشطاء مناهضة العبودية.

وفي مايو/أيار، قضت المحكمة العليا بالإفراج عن اثنين من نشطاء مناهضة العبودية ومن سجناء الرأي، وهما بيرام ولد الداه ولد اعبيدي وبراهيم بلال، وذلك بعد تخفيض مدة حكم السجن الصادر ضدهما. وكان الاثنان، وهما من أعضاء مبادرة "انبعاث الحركة الانعتاقية"، قد قُبض عليهما في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بعد أن شاركا في مظاهرة سلمية، وحُكم عليهما بالسجن لمدة سنتين بتهم الانضمام إلى منظمة غير معترف بها، والمشاركة في تجمع بدون تصريح، وعدم الانصياع لأوامر الشرطة، ومقاومة القبض. وكان عضو آخر في مبادرة "انبعاث الحركة الانعتاقية"، وهو دجيبي سو، قد حُكم عليه بالعقوبة نفسها ثم أُفرج عنه لدواعٍ طبية في يونيو/حزيران 2015.

وفي يونيو/حزيران ويوليو/تموز، قُبض على 13 من أعضاء مبادرة "انبعاث الحركة الانعتاقية" في أعقاب احتجاج على الإخلاء القسري لتجمعات سكانية في حي كزرة بوعماتو، وهو حي عشوائي فقير، في العاصمة نواكشوط. وبالرغم من عدم مشاركة أي من أعضاء مبادرة "انبعاث الحركة الانعتاقية" في الاحتجاج، فقد أُدينوا في أغسطس/آب بعدة تهم، من بينها التمرد واستخدام العنف. ورفضت المحكمة التحقيق في ادعاءات المتهمين بتعرضهم للتعذيب. وفي أكتوبر/تشرين الأول، أعربت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة عن القلق الشديد من أن الحكومة قد استهدفت هؤلاء النشطاء بسبب أنشطتهم المناهضة للعبودية، مشيرةً إلى أن الحكومة تتخذ موقفاً عدائياً من الجماعات التي تنتقد سياساتها، وخاصة الجماعات من قبيل مبادرة "انبعاث الحركة الانعتاقية"، التي ينتمي أعضاؤها إلى أقلية "الحراطين" ويطالبون بإنهاء العبودية. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، قضت محكمة الاستئناف في نواكشوط ببراءة ثلاثة من أعضاء مبادرة "انبعاث الحركة الانعتاقية"، وبتخفيض الأحكام الصادرة ضد سبعة آخرين، ومن ثم أُفرج عنهم في الشهر نفسه. أما الثلاثة الباقون من أعضاء المبادرة، فحُكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات.

حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات

تقلَّص الحيز المتاح لممارسة الحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، حيث تعرض عدد من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ومنتقدي الحكومة للقبض والمحاكمة أمام قضاء مسيَّس.1

وفي إبريل/نيسان، أيَّدت محكمة الاستئناف في نواكشوط حكم الإعدام الصادر ضد محمد ولد امخيطير بتهمة الزندقة، وذلك في أول قضية من نوعها في موريتانيا. وكان حكم الإعدام الأصلي قد صدر ضد محمد ولد امخيطير في ديسمبر/كانون الأول 2014، بعد أن أمضى عاماً في فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة، لأنه كتب مقالاً في مدوَّنة ينتقد من يستخدمون الإسلام لتعزيز التمييز ضد فئة "لمعلمين" (وهي إحدى الصفات التي تُطلق على الحدادين) والمنحدرين من نسل العبيد وفئة "المطربين". وقد أحالت محكمة الاستئناف القضية إلى المحكمة العليا.

وفي يوليو/تموز، حُكم على الشيخ باي، مدير موقع "ديلول" الإخباري، بالسجن ثلاث سنوات بتهمة استخدام العنف ضد مسؤول عمومي. وكان الشيخ باي قد اتهم أحد الوزراء، وهو الناطق الرسمي باسم الحكومة، بالكذب ورماه بحذائه خلال مؤتمر صحفي. وفي أغسطس/آب، أُدين بالتهمة نفسها خمسة أشخاص كانوا قد انتقدوا الحكم ضد الشيخ باي. وقد حُكم على ثلاثة منهم بالسجن لمدة سنتين، بينما حُكم على اثنين بحكمين مع وقف التنفيذ.

وواصلت السلطات حرمان عدد من المنظمات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان من التسجيل الرسمي. فعلى سبيل المثال، ما زالت "جمعية أرامل وأيتام العسكريين الموريتانيين"، وهي منظمة تطالب بإظهار الحقيقة حول عمليات الإعدام بدون محاكمة وحوادث الاختفاء التي وقعت خلال تسعينيات القرن العشرين، في انتظار الاعتراف القانوني بها منذ عام 1993. وقد جددت الجمعية طلبها للتسجيل في عام 2010.

التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة

في فبراير/شباط، أعرب "مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب"، في أعقاب زيارته لموريتانيا، عن ترحيبه بالتطورات التشريعية، بما في ذلك إصدار قانون لمناهضة التعذيب وإنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب. وشدد "المقرر الخاص" على ضرورة أن يعمل القضاء على مضاعفة الجهود لتنفيذ تلك الضمانات، وسلَّط الضوء على عدم وجود تحقيقات في ادعاءات التعذيب. كما لفت "المقرر الخاص" الأنظار إلى استخدام منشآت احتجاز غير رسمية، وحرمان المحتجزين في قضايا تتعلق بالإرهاب من الاتصال بمحامين لمدة تصل إلى 45 يوماً.

وذكر سجناء وسجينات، في منتصف عام 2016، أنهم تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في حجز الشرطة وعلى أيدي حراس السجون. وقال سجين متهم في قضية تتعلق بالإرهاب، إنه تعرض للضرب، بينما كُبلت يداه وقدماه معاً خلف ظهره، لإجباره على "الاعتراف"، وذلك إثر القبض عليه في مارس/آذار.

واحتُجز أعضاء مبادرة "انبعاث الحركة الانعتاقية"، الذين قُبض عليهم في يونيو/حزيران ويوليو/تموز، في أماكن احتجاز لم يُفصح عنها وحُرموا من الاتصال بأهاليهم ومحاميهم، وكانوا يخضعون للاستجواب ليلاً، ويُحرمون من النوم ويُمنعون من استخدام المراحيض. وتعرض أربعة منهم على الأقل لتكبيل أيديهم وأرجلهم في أوضاع مؤلمة لعدة ساعات، وتعليقهم بحبال في السقف. كما تعرض آخرون لتجريدهم من ثيابهم وسبِّهم وتهديدهم بالقتل. وبالرغم من البرنامج الجديد الذي وضعته "الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب" لمراقبة أماكن الاحتجاز، فقد مُنع أحد أعضاء الآلية من زيارة أعضاء مبادرة "انبعاث الحركة الانعتاقية"، الذين كانوا محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي.

التمييز – "الحراطون" و"الموريتانيون الزنوج"

في إبريل/نيسان، زار "مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان" موريتانيا، وسلَّط الضوء على غياب المنتمين إلى فئتي "الحراطين" و"الموريتانيين الزنوج" على نحو منظم من جميع مواقع السلطة تقريباً، واستبعادهم من كثير من جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك عدم قدرتهم على الحصول على بطاقة هوية وطنية. وتمثل هاتان الفئتان نحو ثلثي السكان. وأكد "المقرر الخاص" أنه على الرغم من النص على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ديباجة الدستور، فلا توجد أية بنود تتعلق بهاتين الفئتين. وأشار "المقرر الخاص" إلى أن من يلتحقون بالمدارس الثانوية في بعض المناطق الريفية لا يتعدون 10 بالمئة فقط من الأطفال، وأن معدل وفيات الأمهات الحوامل في موريتانيا لا يزال من أعلى المعدلات في العالم. وأفادت إحصائيات "البنك الدولي" إلى أن عام 2015 شهد وفاة 602 من الأمهات لكل 100 ألف مولود حي.

العبودية

بالرغم من تجريم العبودية رسمياً في عام 1981 واعتبارها جريمة في القانون المحلي، فقد دأبت منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة "نجدة العبيد" ومبادرة "انبعاث الحركة الانعتاقية"، على انتقاد استمرار تلك الممارسة.2

وفي مايو/أيار، بدأ عمل المحكمة الجنائية المتخصصة في محاربة العبودية في مدينة النعمة، وفي الشهر نفسه، حُكم على أحد ملاك العبيد السابقين بالسجن سنة، وحُكم على مالك سابق آخر بالسجن أربع سنوات مع وقف التنفيذ، وأمرت المحكمة الرجلين بدفع تعويضات لامرأتين من الضحايا. ومع ذلك، أدلى الرئيس محمد ولد عبد العزيز بتصريحات، في المدينة نفسها وفي الشهر نفسه، نفى فيها وجود العبودية وطالب "الحراطين"، وهم العبيد السابقون، بالحد من إنجاب الأطفال للتغلب على تركة العبودية والفقر.

موريتانيا: قانون جديد يهدر الحق في حرية تكوين الجمعيات (قصة إخبارية، 2 يونيو/حزيران)
منظمة العفو الدولية تدعو إلى إنهاء العبودية والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في موريتانيا (AFR 38/3691/2016)