
انطلاقا من سعيها لإحداث أثر تنموي مستدام في الدول التي تعمل فيها، والانسجام مع الخطط التنموية الوطنية للدول، ومعالجة التحديات التي تواجهها، وحرصا منها على تلبية احتياجات المجتمعات المحلية، سطرت قطر الخيرية العديد من قصص النجاح من خلال إنشاء مراكز متعددة الخدمات في مدن عديدة في الداخل الموريتاني (مال، بوتلميت، انتيكان، المذرذرة، اركيز، الطينطان).
وتكتسب هذه المراكز أهمية خاصة لأن المناطق البعيدة عن العاصمة والمدن الرئيسة بموريتانيا تعاني من نقص ملحوظ في الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ومياه وغيرها مما يؤدي بسكانها إلى السفر والانتقال نحو العاصمة نواكشوط، وإزاء هذه التحديات تبذل أجهزة الدولة جهودا كبيرة في دعم التنمية المحلية في هذه المناطق.
– مركز النور
وقد أسهمت هذه المراكز التي تقدّم خدمات متنوعة في تثبيت السكان المحليين وتعزيز جهود التنمية المحلية، ومن أهم هذه المراكز مركز النور الإسلامي للخدمات المتعددة في بلدية التاكلالت بمقاطعة المذرذرة، الذي ترك أثرا واضحا منذ إنشائه.
يشتمل المركز الذي أنجز قبل سنوات على مسجد ومدرسة ومركز صحي وبئر ارتوازية، ولأنّ مباني المدرسة الإعدادية التي تأسست في قرية التاكلالت عام 1999م تعرضت للتهالك فقد تم نقلها إلى مركز النور الإسلامي 2018م بعد تجهيز إعدادية جديدة بستة فصول، حيث تخرج منها مئات الطلبة على مدار السنوات الماضية، ويدرس فيها الآن 186 تلميذا تمثل الطالبات بينهم نسبة 70%.
– توفير الاستقرار
أما المركز الصحي فيقدم خدماته مستقبِلا العديد من المرضى ويقوم بالكشف عن حالتهم، وتقديم العلاج لهم، كما يقوم بحملات التلقيحات والتوعية الصحية، والكشف عن الأمراض وسوء التغذية، ويستقبل المركز المئات من عاصمة البلدية والقرى المجاورة لها. وبخصوص البئر الارتوازية فإنها توفر نحو 33% من حاجيات عاصمة البلدية من المياه الصالح للشرب.
يستذكر محمد حبيب المسؤول المالي لرابطة التنمية الجماعية للتاكلالت التي تقوم بتسيير المركز الصعوبات التي كانت تواجه السكان قبل إنشاء مركز النور، ويقول إنهم قبل سنوات واجهوا إشكالية تتعلق بالمدرسة والمستشفى في عاصمة البلدية مما جعلهم يطرقون كل الأبواب لحلحلة الموضوع؛ ليأتي الرد إيجابيا من (قطر الخيرية) ويترجم عمليا ببناء مركز متعدد الخدمات، وهو ما ترك أثرا إيجابيا على حياتهم واستقرارهم، وتحسين ظروفهم المعيشية وما يحتاجونه من خدمات.
– شكر وامتنان
فاطمة سيدة تتابع حالتها الصحية بشكل دوري في المركز الصحي، وتراقب دراسة أبنائها يوميا في المدرسة المجاورة، وتأخذ زادها من السوق المجاور وتعود لبيتها سعيدة بحصولها على هذه الخدمات المحورية بيسر وسهولة، داعية الله للمتبرعين من أهل قطر الذين كانوا سببا في تشييد هذا المعلم الخدمي الذي انتظره سكان المنطقة كثيرا بعد عقود من المعاناة والحرمان.
محمدن الفالي مسؤول رابطة التلاميذ يرصد أن السفر والانتقال إلى العاصمة نقصا بعد تشييد هذا المركز، فقبله كانت رحلات الأهالي إلى العاصمة شبه يومية للعلاج والدراسة وشراء الميرة (المؤونة)، بينما الآن وبعد بناء المركز فقد صار محل استقطاب للقرى المجاورة بشكل دائم أو موسمي زمن الدراسة.