شعب "باجاو".. مليون بدوي يعيشون في أخطر بقاع الأرض، كيف تطورت أعضاؤهم الجسدية؟

خميس, 13/12/2018 - 09:13

 

تكمن قدرة الإنسان في ابتكار التكنولوجيا، واكتشاف أحدث وسائل العلم، وإنما في مدى تكيفه مع الطبيعة، التي تعد أشرس ما يميز الحياة على هذا الكوكب الشاسع، الذي ما زال يحمل الكثير مما نجهله.

ولعل خير مثال على ذلك هؤلاء القوم الذين يطلق عليهم لقب "باجاو"، وهم مجموعة من نحو مليون بدوي، يعيشون في أخطر بقاع الأرض، وأكثرها فتكا بالإنسان، ورغم ذلك استطاعوا بناء حياة كاملة لأنفسهم، ما قصتهم؟

من هم شعب "باجاو"؟ وكيف يعيشون؟

شعب "باجاو" كما نشرت مجلة روتانا، هم مجموعة من البدو الرحل، الذين خرجوا من الأراضي الماليزية منذ قرون، واستقروا في المياه قبالة سواحلها، حيث تعود أصولهم إلى الفلبين.

وطبقا للإحصاءات الأخيرة، يبلغ عدد سكان "باجاو" حوالي مليون نسمة، ويعيشون في أكواخ تم بناؤها في نطاق واحدة من أخطر بقاع الأرض، حيث البحر المفتوح، والمليء بأعمال القرصنة والقتل، الذي يحتوي على أنواع شرسة من الكائنات البحرية، التي استطاعوا التكيف معها بنجاح.

ويعيش شعب "باجاو"في أكواخ خشبية، مبنية على ركائز في المياه، ويقضون أيامهم في قوارب مصنوعة يدويا، ويتعلم الفرد منهم فنون الصيد، منذ عمر الرابعة، فجميع أفراد الـ"باجاو" صيادون ماهرون، يخرجون من البحر الأسماك، وكائنات الأخطبوط، وسرطان البحر، باستخدام الشباك والرماح.

ينتهي يوم "الباجاو"عند غروب الشمس

ويقضي الـ"باجاو" يومهم في الإبحار وصيد السمك، حول الساحل، ثم يأخذون صيدهم إلى قرية "سيمبورنا" للبيع، حيث يشترون المواد الغذائية والضروريات الأخرى من عوائد الصيد، ومن ثم يعودون إلى منازلهم داخل المياه مع غروب الشمس، لينتهي بذلك يومهم.

وحديثا نشر المصور الهاوي "نغ تشوو كيا"، بعض الصور لشعب "باجاو"، وهو ما جذب الكثير من الاهتمام العالمي، وقال المصور: "عندما يرى معظم الناس هذه الصور، فسيجذبهم المشهد الفريد، ونمط الحياة الذي يعيشه هؤلاء الناس".

ووفقا للتقديرات العالمية، يعيش الـ"باجاو"، في أخطر مياه بالعالم، مع وجود العديد من حوادث القرصنة، والحد الأدنى من الأمن، خاصة أنهم غير مسلحين بالكامل، ويعتمدون على الهروب من التهديدات المحتملة.

والـ"باجاو" هم مجموعة معزولة إلى حد ما عن بقية العالم، فلا يمكن لأطفالهم الذهاب إلى المدارس، سواء بسبب قلة الوقت الذي يقضونه على اليابسة، أو لأن كل الأيدي مطلوبة للمساعدة في الصيد، لذا فإن فرصتهم في إيجاد نوع آخر من الحياة محدودة للغاية.

الـ"باجاو" طوروا أعضاءهم بشكل كبير!

وذكر تقرير لأحد الخبراء، نشرته إذاعة "بي بي سي"، واحدة من المعلومات الغريبة عن شعب "باجاو"، وهي أنهم طوروا بطريقة عيشهم الفريدة، "الطحال"، فصار طحال كل منهم، أكبر حجما مما هو عليه لدى باقي البشر، الذين يعيشون على الأرض.

وأشار التقرير إلى أن هؤلاء البدو الرحل، يمتلكون طحالا كبيرا، بسبب غوصهم الكثير تحت سطح البحر، لاصطياد المأكولات البحرية التي تجمع وتباع في الأسواق، وهذا الطحال الكبير لديهم، يعني أن يحصلوا على مزيد من الأوكسجين في دمائهم، للمساعدة في الغوص.

والطحال هو عضو صغير بالقرب من المعدة، يزيل الخلايا القديمة من الدم، ويعمل كمصدر احتياطي للأوكسجين عند الغطس لفترة أطول، ويغوص شعب "باجاو" لقرابة 8 ساعات بشكل يومي، للحصول على رزقهم من المياه، لهذا تكيفت أجسادهم مع نمط حياة استمر لقرون، وهو أمر أظهر للعلماء طريقة جديدة لدراسة كيفية تأثر التكيف الجيني مع البيئة.

وتقول الدكتورة "ميليسا إيلاردو" من جامعة كوبنهاغن: "الطحال هو المرشح المنطقي لدراسة كيف يمكن للبشر الغوص تحت الماء، فحين يقوم الإنسان بحبس أنفاسه يبدأ القلب في الاستجابة ببطء، وتتقلص الأوعية الدموية في الأطراف، ويعمل الجسم للحفاظ على الأوكسجين في الأعضاء الحيوية، وهنا يأتي دور الطحال الذي يعطي للجسم دفعة من الأوكسجين للجسم".

وعندما تمت مقارنة حجم الطحال لأفراد الـ"باجاو" بسكان مجتمع زراعي قريب، كان طحالهم أكبر بحوالي 50٪ من سكان الأرض.

كما أشارت الدراسات الوراثية لشعب "باجاو"، إلى 25 مكانًا لجينومهم مختلفة عن المجموعات الأخرى، وواحد على الأقل من هذه الاختلافات كان مرتبطا بحجم الطحال.

وفقا لتقرير آخر نشرته صحيفة "ديلي ميل"، فإن هناك تغيرا جينيا آخر لشعب "باجاو"، نتيجة نمط حياتهم الغريب، وهو تطور أعينهم وتكيفها على الرؤية بشكل أفضل تحت الماء، وما زالت الأبحاث مستمرة على تلك الحياة النادرة، التي تعطي فرصة كبيرة لدراسة التغيرات التطورية في الأنواع البشرية الموجودة، الأمر الذي يتيح الفرصة لمعرفة المزيد عن تطور نوعنا.