
تعبّر تنسيقية الجمعيات الثقافية للغات - المكونة من جمعية ترقية البولارية في موريتانيا، والجمعية الموريتانية لترقية اللغة والثقافة السوننكيين، وجمعية ترقية اللغة الولفية - عن قلقها البالغ إزاء النقاش الذي يشغل الرأي الوطني منذ بعض الوقت حول مكانة اللغات في موريتانيا.
فبعض المواقف والمطالب قد تؤدي إلى الإضرار بالحقوق الثقافية واللغوية لشريحة كبيرة من الموريتانيين، مما قد يزيد من تهديد التماسك الاجتماعي في بلدٍ غني تاريخياً بتنوعه اللغوي والثقافي.
كما أن هذه المواقف الإقصائية تتعارض مع روح الدستور الموريتاني ومع الالتزامات الدولية لبلدنا، لا سيما:
اتفاقية اليونسكو لعام 2005 حول حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي، التي تدعو الدول إلى تشجيع تعدد اللغات وضمان حق استخدام لغات المجموعات في مجالات التعليم والإعلام والإدارة.
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 27)، الذي يعترف للمجموعات اللغوية بحق "استخدام لغتها الخاصة".
الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (المادة 17)، الذي يضمن لكل شعب الحق في ثقافته ولغته وفي ترقيتهما.
ولمواجهة هذا النقاش - الذي قد يولد تفسيرات وارتباكات مؤسفة – فإننا في تنسيقية الجمعيات الثقافية للغات ندعو إلى سياسة لغوية شاملة تقوم على الاعتراف المتساوي بجميع اللغات الوطنية، بروح من العدالة والاحترام المتبادل والكرامة المشتركة، وهو ما يتطلب عملياً:
إضفاء الصفة الرسمية الفعلية على اللغات البولارية والسوننكية والولفية، بقانون واضح يحدد أدوارها ومجالات استخدامها وآليات التنفيذ الملموسة.
التعميم السريع للتدريس باللغات الوطنية في المرحلة الأساسية من التعليم، استجابة لما أوصت به تقييمات مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في أفريقيا عام 1984، ووزارة التهذيب الوطني عام 1988، وهو ما يمثل رافعة أساسية لتحقيق تعليم جيد وشامل وعادل.
ترقية تعددية لغوية متوازنة تثمن كذلك اللغات الأجنبية - خاصة الفرنسية والإنجليزية - كأدوات للعمل والتعلم والانفتاح على العالم.
ونحن مقتنعون بأن موريتانيا لن تتمكن من بناء وحدة وطنية دائمة إلا باحترام الكرامة اللغوية لكافة مكوناتها، فإضفاء الصفة الرسمية على جميع اللغات الوطنية يعني بالفعل الإقرار بالمواطنة المتساوية لكل الموريتانيين.
لذلك فإن تنسيقية الجمعيات الثقافية تدعو إلى اعتماد سياسة لغوية منصفة وشاملة وتقدمية، ضمانا لمستقبل مشترك وللتماسك الاجتماعي والسلام الدائم.
نواكشوط، 20 مايو 2025
تنسيقية الجمعيات الثقافية