إحالة سيدنا عالي للتحقيق في تهم المساس بهيبة الدولة والتحريض على العنف

ثلاثاء, 27/05/2025 - 11:01

أحيل الوزير الموريتاني السابق سيدنا عالي ولد محمد خونه، رئيس حزب جبهة التغيير الديمقراطي المعارض، من طرف النيابة العامة في نواكشوط الغربية، صباح أمس الإثنين، إلى قاضي التحقيق المكلف بقضايا الإرهاب في ديوان التحقيق رقم 1، وذلك مع طلب إخضاعه للمراقبة القضائية.
ووفق ما أكدته مصادر قضائية، فإن النيابة العامة وجهت لولد محمد خونه جملة من التهم الثقيلة، أبرزها تحريض المواطنين على استخدام العنف ضد سلطة الدولة، والمساس بهيبة الدولة ورموزها، والتقليل من شأن القرارات القضائية، ونشر معلومات كاذبة، والافتراء باتهام الجهات العليا بالخيانة العظمى.
وتزامنًا مع إحالة الوزير السابق إلى القضاء، تجمع عدد من أنصاره ومؤيديه صباح الإثنين أمام قصر العدالة في نواكشوط، حيث نظموا وقفة احتجاجية رفعوا خلالها لافتات ورددوا شعارات من خلال مكبرات صوت، طالبوا فيها بـ «إطلاق سراح ولد محمد خونه فورًا»، ونددوا بما وصفوه بـ «الاعتقال التعسفي والمسار القضائي المسيس».
وردد المتظاهرون وهم يحملون صوراً لولد محمد خونه وأخرى للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، شعارات من قبيل: «لا لتكميم الأفواه»، و»الاعتقال لن يُسكت صوت الحق»، و»الحرية للوطنيين الشرفاء»، في حين رفعت لافتات تطالب بوقف ما سمته «استهداف الرموز الوطنية المعارضة»، محذرين من تداعيات «الزج بالقضاء في تصفية الحسابات السياسية».
ورغم الطابع السلمي للاحتجاج، فقد شهد محيط قصر العدالة وجودًا أمنيًا مكثفًا، دون أن تُسجل أي مواجهات أو تدخلات لتفريق المحتجين،حسب ما أفاد شهود عيان.
وقد جرى توقيف الوزير السابق في 19 أيار/مايو الجاري من منزله في العاصمة نواكشوط، بعد تصريحات نُشرت له على منصات التواصل الاجتماعي أكد فيها «تفريط السلطات الحاكمة في جزء من التراب الموريتاني المحاذي لجمهورية مالي».
واعتُبرت هذه التصريحات من قبل السلطات القضائية تحريضية وتنطوي على مساس بالمؤسسات الدستورية.
ويتزامن توقيف وإحالة ولد محمد خونه إلى القضاء مع حالة استنفار سياسي وقضائي في البلاد، خاصة بعد إصدار محكمة الاستئناف بنواكشوط الأسبوع الماضي حكمًا بالسجن 15 سنة على الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، في إطار ما يُعرف بـ»ملف العشرية»، بعد إدانته بتهم الفساد وغسيل الأموال واستغلال النفوذ. وقد شكل هذا الحكم أقسى إدانة في تاريخ القضاء الموريتاني بحق رئيس سابق.
ويُعتبر ولد محمد خونه أحد أبرز الشخصيات السياسية الموالية للرئيس السابق، حيث يترأس حزب جبهة التغيير (قيد الترخيص)، وهو تنظيم سياسي يضم مجموعة من المقربين من ولد عبد العزيز وبعض رموز نظامه السابق.
ويعكس توقيف ولد محمد خونه يعكس تصاعد المواجهة بين النظام الحالي والتيار الموالي للرئيس السابق، خاصة بعد دخول مرحلة ما بعد الحكم القضائي.
ومع أن الطرف المدني في محاكمة الرئيس السابق تعتبر أن الملف قضائي صرف، فقد أكد أنصار الرئيس السابق من محامين وسياسيين «أنه لا يخلو من أبعاد سياسية في ظل تأزم العلاقة بين السلطة وبعض رموز المعارضة الجديدة المرتبطة بعشرية حكم ولد عبد العزيز».
ويرى مراقبون أن إدخال الملف ضمن اختصاص القضاء المكلف بالإرهاب يوحي برغبة في التعامل بصرامة غير معتادة مع تصريحات وفعاليات محسوبة على أقطاب العهد السابق، خاصة في ظل تنامي الدعوات لإعادة النظر في طبيعة المحاكمات الجارية.
ولم تصدر حتى الآن أي تعليقات من حزب «جبهة التغيير»، لكن مقربين من ولد محمد خونه وصفوا التوقيف بأنه تصعيد سياسي غير مبرر، في حين يرى أنصار النظام الحالي أن هذه الخطوة تؤكد جدية الدولة في حماية هيبتها ومؤسساتها.
ويتوقع أن يثير الملف في الأيام المقبلة نقاشًا سياسيًا وقانونيًا واسعًا داخل الساحة الموريتانية، خاصة إذا ما استُخدمت التهم الموجهة لولد محمد خونه كأداة لمحاصرة الأصوات المعارضة أو المرتبطة برموز النظام السابق.