
مذكرة بتاريخ 18 أغشت 2025
تؤكد وتدين مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية (إيرا) القمع الوحشي الذي راح ضحيته منتسبوها ومناصروها والمواطنون الذين جاءوا لمساندة العديد من معتقلي الرأي والمدافعين عن حقوق الانسان خلال التجمع المنظم يوم 14 أغشت 2025 أمام وزارة العدل.
قبل 48 ساعة من الحدث، كانت منظمة إيرا، المرخص لها، قد أخبرت السلطات بنيتها قيادة احتجاجات سلمية للتضامن مع المواطنين المستهدفين بشكل سافر من طرف النظام العسكري المتخفي في زي مدني لم تعد تجاوزاته القاتلة للحرية تحاكي حتى أشباه الديمقراطيات المزيفة. نذكّر هنا بأن مأمورية رئيس الدولة، المثيرة للجدل، تم تدشينها، خلال مساء 1 إلى 2 يوليو 2024، باغتيال 7 من الشباب المتظاهرين، في كيهيدي، بعد توقيفهم. وبعد هذه المذبحة، لم تقم السلطات بأي تشريح أو تحقيق. مع ذلك، وبالرغم من الدرس المأساوي، فإن الدائرة الأولى من القادة تصر على تكميم أدنى تعبير عن السخط في الميادين العمومية. بمجرد أن تستعد رابطة مدنية للاحتجاج، يتم تعريضها للإكراه البشع بغية تثبيط همتها. ولا شك أن الصور والشهادات تعبر عن مدى الطيش الطاغي لهذا النظام.
ووفقا لممارساتها، التي لا يطالها العقاب، تبرهن ردة فعل الشرطة على حجم البشاعة، وهو ما يسفر عادة عن حصيلة كبيرة من المصابين في نهاية كل عمل تقوم به وحدات مكافحة الشغب. وقد خضع محمد الأمين حسن (عضو لجنة حقوق الانسان في إيرا) وبوياي محمد ناجم، لمثل تلك القسوة.
من ضمن العديد من المناضلين المسجونين بسبب أفكارهم، تمكنت إيرا من تحديد:
1: آبلاي با، مسؤول لجنة الهجرة بإيرا. وقد اتُّهم بتوثيق محنة المهاجرين، المقموعين بوحشية، والمعزولين في أماكن لا تستجيب للمعايير.
2: سيدنا عالي محمد خونا، وزير سابق، مقرب من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز. وكثيرا ما تتم مساءلات ولد محمد خونا، وكان آخرها يوم 12 أغشت. وقد أحيل إلى سجن الرياض في اليوم الموالي. وهو متهم بأنه أسس تجمعا سياسيا معارضا يدعى حزب العهد الديمقراطي.
3: عالي بكار، ناشط في مجال البيئة البحرية، وقد كشف عن خروقات خطيرة وتزويرات في تسيير الميدان المائي، دون أن يهمل التأثيرات السلبية الاقتصادية والصحية لمصانع دقيق السمك بانواذيبو (أهم ميناء صيد في البلاد). وقد سجن يوم 22 يوليو 2025.
4: محمد صمبه ميساره، مسؤول لجنة الإحصاء في إيرا الذي اختُطف يوم السبت 13 أغشت 2025، بعيد عنصر نشره في فايسبوك.
5: محمد داوود بوسحاب، مناضل في إيرا، معزول عن الخارج منذ 31 يوليو 2025، على إثر رسالة فايسبوكية.
6: أحمد خونا شامخ، المرأة الوحيدة في المجموعة، عضو في فرع إيرا بتوجنين. موجودة في الحبس الاحتياطي منذ يوم 4 أغشت الجاري. ويأخذ عليها نظام الإكراه رفضها للاستسلام لمحاولة سلب أموالها بصفة غير شرعية.
7: أحمد صمبه عبد الله، زعيم حزب في طور التأسيس، مسجون بسبب انتقاداته المتكررة لرئيس الجمهورية والحكومة.
ويشير تقرير وزارة الخارجية الأمريكية، الذي يشمل أحداث السنة الفارطة، إلى غياب أي تقدم في مجال الحقوق الأساسية في موريتانيا. وقد كشف عن نواقص جلية في ميدان احترام الكرامة الشخصية، ولم يتردد في وصف ذلك بدقة متناهية. وتبرز بعض مقاطعه مدى الانحدار الشديد في الجانب الحقوقي:
" من ضمن المشاكل المهمة في مجال حقوق الانسان، هناك تقارير موثوقة تتحدث عن حالات قتل تعسفية وغير قانونية، وتوقيفات واعتقالات تعسفية، بالإضافة إلى التضييق الخطير على حرية التعبير وحرية الاعلام، وخاصة التوقيف غير المبرر للصحفيين، وكذلك الوجود المعتبر لأحد أسوأ أشكال عمل الأطفال... وقد تم توقيف أربعة رجال (امباري عبد الله جوب، هارون مودي جالو، عباس همادي صمبه انيانغ وأحمدو ديوبيل) ووضعوا في الحبس التحفظي من قبل الدرك لأنهم شاركوا في تظاهرات. وقد ماتوا يوم 2 يوليو 2024 في مقر الدرك بكيهيدي... إن الدستور والقانون يمنعان الدعاية ذات الطابع العنصري أو العرقي، فيما لجأت الحكومة في بعض الأحيان إلى استخدام هذه الأحكام القانونية ضد معارضين سياسيين، متهمة إياهم بـ"العنصرية" أو "الترويج للتشرذم الوطني" لأنهم شجبوا المعاملات السيئة التي يتعرض لها السكان المهمشون خاصة التجمع الثقافي-العرقي المدعو الحراطين والمجموعات المنحدرة من جنوب الصحراء.... وفي يوم 29 فبراير، لجأت الشرطة إلى الغازات المسيلة للدموع وضربت المتظاهرين بالهراوات من أجل تفريق مسيرات منظمة من قبل الاتحاد الوطني للطلبة الموريتانيين بانواكشوط. وتم جرح العديد من المشاركين وحجزهم في المستشفيات إثر هذا العنف البوليسي. ولم يتم فتح أي تحقيق ولم يخضع أي شرطي متورط لأي إجراء تأديبي... وخلال مظاهرة أقيمت يوم 7 مايو، اعتدت الشرطة على مصور وكالة الأخبار، محمد ولد إسلمو وكذلك الصحفي السالك الزايد، ممثل مراسلون بلا حدود، وصادرت معداتهم. ولم يتم فتح أي تحقيق ولم تتخذ ضد عناصر الشرطة المتورطة أية إجراءات تأديبية. إن الإفلات من العقوبة يشكل مشكلة خطيرة داخل قوى الأمن، خاصة داخل الحرس الوطني والشرطة الوطنية و الدرك الموريتاني".
مع ذلك، فإن وزارة الخارجية الأمريكية لم تضع لائحة تامة لكافة الانتهاكات. فأكثريتها لا تجد فرصة لتسجيلها لأنها تقع، خفية، داخل مفوضيات الشرطة ومقرات الدرك. إن الإفلات من العقوبة في موريتانيا بالغ الخطورة لأنه يمكن أن يزدهر لفترة طويلة في ظل الصمت الكثيف واللامبالاة. إلا أن القرار الأخير للمجلس الدستوري، الذي اعترف فيه بعدم شرعية بعض المواد الجديدة في النظام الداخلي للجمعية الوطنية، يوضح أن الديمقراطية فينا لم تزل شكلية بحيث أنها تؤكد مدى العمى الذي وصلت إليه الحكامة المتخبطة بين أيدي أناس يفتقدون إلى الخبرة ويتجهون بأنفسهم نحو التفكك. إنه الوجه الآخر لموريتانيا، ذلك "البلد الصغير"، كما جاء في إيماءة انتحارية رئاسية، وكما سيظل معقلا للهيمنة، متمترسا ضد العولمة، ومحصنا، بالوهم، ضد عوامل التلف.
اللجنة الإعلامية