
تواصلت في موريتانيا فعاليات الدعم الشعبي والرسمي لنصرة الشعب الفلسطيني ومؤازرة الأهالي المحاصرين في قطاع غزة، في وقت تتصاعد فيه جرائم الاحتلال الصهيوني ضد المدنيين، وسط تجويع وحصار خانق، وصمت دولي مريب.
وفي هذا السياق، استجابت المبادرة الطلابية الموريتانية لمناهضة الاختراق الصهيوني والدفاع عن القضايا العادلة لنداء المقاومة، فواصلت أمس تنظيمها لوقفة احتجاجية كبرى للتنديد بجرائم الاحتلال وفضح التواطؤ الدولي، مع التشديد على رفض بقاء سفراء الدول الداعمة للكيان في نواكشوط.
وفي كلماتهم أمام المشاركين، شدد رؤساء عدد من الأحزاب السياسية على أن جرائم الاحتلال تمثل وصمة عار في جبين الإنسانية، مؤكدين أن المواقف الرسمية والشعبية في موريتانيا ستظل منحازة للحق الفلسطيني مهما تعددت الضغوط والإغراءات.
ومن جهتهم، اعتبر قادة منظمات المجتمع المدني أن استمرار الصمت الدولي وتواطؤ بعض القوى الكبرى مع الاحتلال هو ما شجّع على ارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين، مطالبين بضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم أمام المحاكم الدولية.
وقد رفعت في الوقفة شعارات قوية تدعو إلى طرد سفراء الدول الداعمة للكيان الصهيوني من نواكشوط، باعتبار أن وجودهم يشكل طعنة في الضمير الوطني وتناقضاً صارخاً مع مشاعر الموريتانيين الرافضين للتطبيع والمتمسكين بالثوابت القومية والإسلامية.
الحشد الشعبي والرسمي لنصرة غزة يتواصل ويتسع
واعتبر الخطباء «أن هذه الوقفة ليست مجرد حدث عابر، بل رسالة واضحة إلى العالم بأن الشعب الموريتاني يرفض التواطؤ مع الاحتلال ويدعو إلى مقاطعة كل من يسانده أو يغطي على جرائمه».
وقد ترددت في الساحة شعارات وهتافات منددة، من بينها: «لا سفارة للصهاينة ولا لمن يساندهم على أرض شنقيط»، و»الحرية لفلسطين»؛ و»العزة لغزة ولموريتانيا بغزة».
ونظمت هذه الفعاليات الاحتجاجية بينما تواصل السفينة الموريتانية «قمر» إبحارها متجهة نحو غزة وذلك بعد انضمامها لأسطول الصمود العالمي، الهادف إلى كسر الحصار المفروض على غزة.
وتأتي هذه المشاركة ثمرة لجهود تنسيقية الصمود الموريتانية، التي تمكنت خلال الأسابيع الماضية من تسيير سفينة موريتانية بشكل مستقل، إلى جانب مشاركة وفد موريتاني متعدد الاختصاصات في سفن الأسطول.
ويضم الوفد الموريتاني شخصيات أكاديمية ومهنية وإعلامية، من بينها البروفيسور محمد باب سعيد، أستاذ الكيمياء بالجامعات الفرنسية، والدكتور أحمد الهيبة مامينا طبيب اختصاصي، ممثلاً عن السلك الوطني الموريتاني للأطباء، والدكتور أنس محمد فال ممثلاً عن الهيئة الوطنية للمحامين، ومحمد فال الشيخ ممثلاً للصحافيين، والشيخ محمد نائب رئيس المبادرة الطلابية الموريتانية لنصرة الشعب الفلسطيني والقضايا العادلة، ومحمدن البوساتي رئيس رابطة مشجعي ريال مدريد في موريتانيا، والمصطفى زين العابدين، خبير في تحليل البيانات.
وقد عبرت عدة هيئات موريتانية عن دعمها للمشاركة في الأسطول، حيث أكد السلك الوطني للأطباء تضامنه الكامل مع الشعب الفلسطيني ومطالبته بحماية الفرق الطبية والإغاثية، داعياً إلى تسهيل وصول المساعدات الغذائية والدوائية والوقود إلى غزة. كما أشاد السلك بشجاعة المشاركين الموريتانيين، محذراً من أي اعتداء إسرائيلي على الأسطول.
وبدورهم، أعلن أعضاء الفرق البرلمانية الموريتانية عن مبادرة «برلمانيون في مناصرة الأسطول»، مؤكدين على ضرورة تحرك برلماني عربي وإسلامي لدعم المشاركين وحمايتهم، وداعين وزارة الخارجية الموريتانية لبذل جهود دبلوماسية لضمان سلامتهم.
أما حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل» فقد ثمّن المبادرة الدولية، واعتبرها استجابة لصوت الضمير الإنساني، مؤكداً أهمية تعبئة الجهود وتفعيل الدبلوماسية الشعبية للضغط على الاحتلال وتعريته أمام العالم، مع دعوة كل الدول والمنظمات الحرة لتقديم الغطاء القانوني والحماية اللازمة للأسطول.
وبهذه المواقف المتزامنة، تؤكد مختلف القوى السياسية والمدنية في موريتانيا التزامها بدعم الشعب الفلسطيني ومساندة الجهود العالمية الهادفة إلى كسر الحصار عن غزة، مع توجيه رسالة واضحة بضرورة حماية المشاركين في هذه المبادرة الإنسانية.
وفي ظل تواصل الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة، تتسارع وتيرة المبادرات الإغاثية الموريتانية، حيث شهدت الأيام الأخيرة حراكاً واسعاً شمل حملات تبرع شعبية، وتسيير قوافل دعم، ومشاركات ميدانية في الجهود الدولية الرامية إلى كسر الحصار وتوفير الإمدادات العاجلة.
وواصلت منظمات أهلية موريتانية حملات تبرع واسعة لتوفير الغذاء والدواء والبطانيات، فيما بادرت تنسيقيات شبابية ونقابية إلى تنظيم قوافل جمع التبرعات.
كما واصل الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني تنفيذ سلسلة واسعة من المشاريع الإغاثية داخل قطاع غزة، استفاد منها عشرات الآلاف من النازحين والأسر المتضررة.
وفي هذه الأثناء، تتواصل المبادرات الإغاثية الموريتانية في غزة بشكل لافت، حيث استفاد أكثر من 177,600 نازح من مشروع توزيع الوجبات الجاهزة، إلى جانب مشروع حليب الأطفال الذي غطى احتياجات 400 طفل، والخيمة التعليمية التي وفرت بيئة تربوية للأطفال رغم القصف والنزوح، إضافة إلى مشروع كفالة الأيتام الذي شمل 550 يتيماً، ومشروع الطرود الصحية الذي استفادت منه 902 عائلة نازحة، فضلاً عن مشروع الخبز الذي وزع على 4000 أسرة نازحة.
وقد جاءت هذه المشاريع بتمويل كريم من داخل موريتانيا وخارجها، من بينها مبادرات نساء موريتانيات مقيمات في أنغولا، ومحظرة البنات بقرية كيفه وسط موريتانيا، إلى جانب مشاريع السقاية والإطعام والصحة والتعليم التي ما تزال مستمرة.
وفي السياق ذاته، يواصل المنتدى الإسلامي الموريتاني تنفيذ حملاته الإغاثية بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين، حيث أطلق مشروع إطعام الطعام في المراكز التعليمية لضمان استمرار العملية التربوية، ووزع الطرود الغذائية على عشرات الأسر النازحة في خان يونس وجنوب القطاع، إلى جانب مبادرات إضافية شملت توزيع الوجبات الساخنة، وتوفير مياه الشرب، وكفالة الأيتام، وحفر الآبار، وتوزيع الخبز، ما يجعل من الحضور الموريتاني في ساحات الإغاثة عنواناً للتضامن والصمود.
وتؤكد هذه الجهود المتواصلة أن موريتانيا تظل على العهد في نصرة القضية الفلسطينية، منابر وساحات، ومن خلال المبادرات الشعبية والطلابية والبرامج الإغاثية والمواقف السياسية الرسمية، في رسالة متجددة مفادها أن غزة ليست وحدها، وأن دعمها باقٍ حتى النصر.
عبد الله مولود