مكياج سياسي – حركي جديد يصبغ وجه القاعدة "الأم"

سبت, 30/07/2016 - 14:14

في محاولة أشبه بمكياج سياسي-حركي, خرج تنظيم "القاعدة" ممثلا بفرعه في سوريا "جبهة النصرة" أمس الخميس، بإصدار مرئي، أعلن فيه عن إلغاء العمل باسم "جبهة النصرة "، في محاولة لزعم فك الارتباط بتنظيم "القاعدة" الأم، وتشكيل جبهة عمل جديدة بمسمى "جبهة فتح الشام"، ليس لها علاقات بأي جهة خارجية.

بيان "الانفصال" جاء به مبعوث "القاعدة أبو محمد الجولاني "أسامة العبسي الواحدي"، وهو ذاته معلن تأسيس فرعها في سوريا في أغسطس 2011، والذي أصدر حينها بيانه الأول بتشكيل "جبهة النصرة لأهل الشام".

إلا أنه بعد إعلان "أبو بكر البغدادي" في أبريل 2013، إلغاء اسمي "دولة العراق الإسلامية"، و"جبهة النصرة"، ودمج التنظيمين باعتبارهما يمثلان القاعدة الأم، في كيان جديد يسمى "الدولة الإسلامية في لعراق والشام". قابله "الجولاني" بالرفض في ذلك الوقت، معلنا في اليوم التالي حصر بيعته للقيادة المركزية لتنظيم القاعدة بقيادة الظواهري، قائلا: "هذه بيعة منا أبناء جبهة النصرة ومسؤولهم العام، نجددها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهري حفظه الله، نبايعه على السمع والطاعة".

انبعاث المزيد من التشكيلات والتنظيمات الجهادية بمسميات مختلفة ومشروع واحد، تنضوي جميعها تحت عباءة التنظيم الأم "القاعدة"، لم يكن بالأمر الجديد، والذي لطالما اعتبر معملا لتفريخ التنظيمات المتطرفة بمسميات متعددة ومنهج واحد، فكان ما يسمى "أنصار الشريعة" فرع تنظيم القاعدة باليمن، و"جماعة بيت المقدس" فرعها بمصر، و"حركة الشباب الإسلامي" في الصومال، و"الجماعة السلفية للدعوة والقتال" في الجزائر.

الإعلان عن تشكيل جديد، يتولى أمره قيادات تاريخية، وحالية من"القاعدة"، من الصف الأول والثاني، إنما يعزز بحسب مراقبين أمنيين اعتباره مجرد مناورة وتكتيك لإعادة الوهج "الجهادي" من جديد، وسحب بساط "الخلافة" من تحت أقدام خصمه اللدود "داعش"، بعد أن سلبه إياها طوال 5 أعوام مستثمرا في ذلك ما يواجهه اليوم من ضربات متتالية من قبل قوات التحالف الدولي.

ليستأنف من جديد القاعدة "جونيور" مشروع "التثوير الجهادي العالمي" دون قطع "حبله السري" مع التنظيم "الأم" عبر وجه "أحمد سلامة المصري" المعروف بـ"أبو فرج المصري"، عضو جماعة الجهاد المصرية والذي ظهر في التسجيل المصور إلى جانب أبي محمد الجولاني، والمقرب من زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.

السعي إلى مزاحمة خصمه "داعش" بإحياء متطلباتها على الأرض وإيجاد منطقة مركزية "الشام" تجتمع فيها قياداتها لإنشاء "إمارتها"، التي أعلن عنها ذاته "الظواهري" في تسجيل له في مايو 2016, تمهيدا لإطلاق "الخلافة"، وإنشاء جيش "المقاومة الإسلامية العالمية"، الذي أكد عليه "حمزة ابن لادن"، في إصداره الأول "ما القدس إلا عروس مهرها دمنا".

فكانت دعوته إلى الاهتمام بـ"الجهاد بالشام"، وتوجيهه وترشيده وتوحيد صفوف المجاهدين، على حد تعبيره، والاهتمام بتصحيح المفاهيم، ونبذ التعصب للجماعات، وذلك كله بهدف تكوين: "جيش عظيم كالسحاب العرمرم لتحرير القدس، بمعركة فاصلة بين الإسلام والكفر، وخير الميادين لهذه المناسبة العظيمة ميدان الشام المباركة".

القاعدة "جونيور" وبصمات "الإخوان المسلمين"

"العربية.نت" كانت قد كشفت في قراءة سابقة لها نشرت في 23 مايو 2016، عن مخطط لـ"القاعدة" لإعادة تشكيل ذاته وتوزيع مهامه "السياسية والدعوية والجهادية"، بتنسيق مشترك معلن بين "القاعدة" و"الإخوان" و"السلفية".

هو الثوب ذاته الذي ظهر فيه "القاعدة جونيور" عبر كلمة "الجولاني زعيم "جبهة النصرة" على يمينه "أبو فرج المصري" (أفرج عنه "مرسي" بعد توليه الحكم في مصر 2011 ضمن عدد من القيادات الجهادية)، وعلى شماله أحد أبرز شرعيي "جبهة النصرة" "عبدالرحيم عطون" والمعروف بـ"أبو عبد الله الشامي".

الخلاصة تكمن بتشكيل أذرع ثلاث، تجتمع تحت سقفها قيادات الجماعات المقاتلة في سوريا، من تيارات الإسلام السياسي الأبرز، الأول يمثله التيار الجهادي، مجسدا بتنظيم "القاعدة"، و"الإخوان المسلمين"، بهدف توظيف فنونها السياسية – الحركية، بتهيئة الكوادر لإدارة الشؤون السياسية، و"السلفية" من خلال بوابة التنظير الشرعي، تخصصات مختلفة كل منها مكمل للآخر.

مناورة براغماتية ومحاولة للاستيلاء على الورقة الجهادية واستثمارها عبر ما فضل تسميته محللون بـ"الجناح العسكري القاعدي للإخوان"، في هيئة جديدة تحت مسمى "جبهة فتح الشام".

وذلك بجلاء التقارب في الخطاب "القاعواني" ثنائية "إخوان القاعدة" حول مناصرة ثورات الربيع العربي والتي لم يكترث لها تنظيم "داعش" ولم يكن مشغولا بها.

فبينما اعتبر أيمن الظواهري في كلمة سابقة له الصورة الوحيدة في ثورات الربيع العربي هي الثورة في "الشام" والتي بحسبه فقط من "انتهجت الطريق الصحيح طريق الدعوة والجهاد لإقامة الشريعة وتحكيمها".

ظهر شرعي "جبهة فتح الشام" أبو عبد الله الشامي، في إصدار سابق بثه "جبهة النصرة" بعنوان "ورثة المجد"، تحدث فيه الشامي عن ثورات الربيع العربي، مشيرا إلى أن ما جرى في البلدان الإسلامية من اضطهاد وظلم سببه سقوط الخلافة الإسلامية وتقسيم البلدان.

إضافة إلى ما تحدث به "الجولاني" في لقاء له عبر إحدى الفضائيات الخليجية ليؤكد من جديد دعوة "الظواهري" للفصائل إلى دعم الثورات قائلا والحديث للجولاني: "السلمية والمظاهرات لغة لا يفهمها هؤلاء الحكام".