الحنين إلى الجلادين

ثلاثاء, 27/06/2023 - 08:26

من أكثر الأمور التي اغاظتني واضحكتني في نفس الوقت هو قيام بعض الشباب التائهين بالتزامن مع الأحداث الأخيرة التي عقبت مقتل المواطن جوب بنشر منشورات توحي بالشوق والحنين إلى فترات الرئيسان الأسبقان معاوية ول الطايع  ومحمد ول عبد العزيز والأسى على فوات سنوات كان المواطن فيها آمنا مترفا منعما هههه

 

صراحة لم أكن اتوقع أن تكون البلادة قد استوطنت ادمغة البعض إلى درجة أن تناسوا أن عبثية الرئيس السابق معاوية والفوضى الخلاقة التي سادت في عهده كانت السبب الأبرز في ما تعيشه موريتانيا حاليا من ويلات وقهر  سواء على المستوى السياسي والإقتصادي (جوع بطالة تهميش)  او على المستوى الإجتماعي (صراع عرقي خفي مخيم)

فلو أن معاوية كان يحمل مشروع تأسيس دولة مدنية تسع الجميع تحارب التشرذم والتفرقة لما تفاقمت النعرات العرقية بعهده مخلفة حرب مأسأوية مريرة لا تزال تبعاتها تشكل اليوم شرارة ملتهبة بل قنبلة موقوته قد تنفجر في أية لحظة

ولو أن تركيز الرجل انصب على فكرة المواطنة ودولة المؤسسات العادلة بدل تركيزه وإستماته في تكريس السياسة القبلية والجهوية المقيتة التي شلت مفاصل الدولة وأثمرت الطبقية الإجتماعية في أبشع صورها لكان الواقع مغاير تماما عن ماهو عليه الآن 

اما عزيز فهو رئيس لا يختلف في غطرسته عن معاوية في شيئ فمن نفس المدرسة قد تشبع الرجلان بفكرة الخراب

وإن كانت صرامة عزيز او جنون العظمة كما يعبر البعض جعله يجفف منابع الدولة ويتلاعب بالمال العام ضمن دائرة ضيقة جدا 

معتمدا على قاعدة الشعب لابد وأن يكون فقير 

 

عكس معاوية الذي ترك المقود بيد وزراءه وجلساءه المنافقين 

فكان الفساد يختلف في مضامينه من رجل صنع أباطرة المفسدين المارقين من وزراء ومديري مؤسسات وشيوخ قبائل...الخ

 وآخر شبع واستغنى هو فقط وثلة قليلة من مقربيه .

وعليه ف عزيز ليس بالملاذ المنقذ ولا القدوة السياسية التي يحتذى بها وانما فاسد حكم 12 سنة بقبضة من حديد 

فترة ليست بالقصيرة كان بالإمكان أن يصنع خلالها المعجزات فيصلح ما افسد معلمه الأكبر طيلة ثلاث وعشرين حولا  وما أفسد  آخرون قبل ذلك وبثوب مدني 

 

تدركون جميعكم أن الخطاب العنصري ظل حاضرا وبقوة بل هو شعار عشرية الرجل فمن اخرج الأراجوز الثرثار بيرام من جحره ومن قسم المجتمع إلى فئات كل منها  يطالب بنصيبه من الكعكة ؟ هههه

بالله عليكم هل هذه مطامح قائد يدرك خصوصية المجتمع الموريتاني وتنوعه العشائري والعرقي

  

قد يقول قائل الرجل له إنجازات حاضرة وناطقة فنجيبه بأن هذه الإنجازات وفي مجملها لا ترقى إلى أن تدرج ضمن قائمة الإنجازات القومية الكبرى

فنسبة الفقر تقارب المئة ومعدلات الجهل والمرض لا تزال في إزدياد  

أما الإستثمار وخاصة جانب الزراعة وما يلامس يوميات المواطن فتلك فسحة من أحلام اليقظة 

بالمختصر المفيد من يبكي او يتباكى على زمان العقيد معاوية والجنرال عزيز  فإما أنه شخص افرط في النسيان او غابت عنه الحقيقة 

وفي كلتا الحالتين كان عليه أن يكفكف دموع الحسرة قليلا ثم يستحضر التاريخ جيدا حتى يتجلى له الفرق بين القائد الملهم الذي يحمل مشروع بناء دولة مؤسسات راقية  تفرش بساط العدالة والرخاء للجميع

وبين عسكري أرهقته البزة فأختار ربطة العنق بدلا منها  .

 

#رفعت_الجلسة

بقلم الشيخ التراد احمد زايد