تركيا.. لماذا خسر حزب العدالة والتنمية انتخابات البلديات؟

اثنين, 01/04/2024 - 07:46

رغم فوزه بانتخابات الرئاسة والبرلمان، جاءت خسارته لانتخابات البلديات، بمثابة "زلزال" فاجأ حزب العدالة والتنمية الحاكم، بدرجة لا تختلف في شدتها عن مفاجئته بزلزال كهرمان مرعش الذي ضرب تركيا فبراير 2023، وترك بصماته على نتائج الانتخابات الأخيرة.

ومُني حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التي جرت الأحد "بأسوأ هزيمة" يتعرض لها في تاريخ حكمه للبلاد منذ عام 2002، حيث حلَّ ثانيا بعد حزب الشعب الجمهوري المعارض، بعد فشله في استرداد السيطرة على البلديات الكبرى، بل وخسر بلديات كان يحكمها في السابق.

وحصل حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، على 37.1 بالمئة من الأصوات في انتخابات رئاسة البلديات ؛ ليصبح الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات لأول مرة منذ 47 عاما بعد انتخابات عام 1977، عندما حصل على 41 بالمئة من الأصوات، فيما حل حزب العدالة والتنمية ثانيا بنسبة 35.9 بالمئة.

 تراجع كبير

في انتخابات إسطنبول التي حشد حزب العدالة والتنمية كل وسائله للفوز بها، تقدم عمدة بلدية إسطنبول، القيادي في حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو، بفارق 10 نقاط على مرشح تحالف الشعب الحاكم (المكون من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية) مراد كوروم.
في أنقرة، تم انتخاب رئيس بلدية أنقرة الحالي، والقيادي كذلك في "الشعب الجمهوري"، منصور يافاش، رئيسًا للبلدية، للمرة الثانية، بعدد قياسي من الأصوات، متفوقا بحوالي 28 نقطة على تورغوت ألتينوك، مرشح التحالف الحاكم.
بذلك احتفظ "الشعب الجمهوري" بالبلديات الكبرى التي فاز بها عام 2019، ومنها، بجانب إسطنبول وأنقرة، أزمير وأضنة ومرسين وأنطاليا.
فوق هذا، أخذ الحزب 10 بلديات من حزب العدالة والتنمية وبلدية واحدة من حزب الحركة القومية.
نتيجة ما سبق، أصبح "الشعب الجمهوري" المسيطر في وسط الأناضول وبحر إيجه ومعظم منطقة مرمرة لأول مرة منذ فترة طويلة جدا، كما تم انتخاب مرشحي الحزب كرؤساء بلديات في مانيسا وأفيون قره حصار.
في التقسيم الإداري خلال هذه الانتخابات، زاد عدد البلديات الكبرى من 11 إلى 15، ولكن انخفض عدد البلديات الحضرية التابعة لحزب العدالة والتنمية إلى 11 بعد أن كانت 15 في الانتخابات الماضية، وانخفض عدد المقاطعات إلى 13 بعد أن كانت 24، وانخفض عدد المناطق إلى 360 بعد أن كانت 535.
 زلزال التغيير

أقرّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالتراجع، وقال في كلمة أمام أنصاره بأنقرة: "لم نحقق النتائج المرجوة من الانتخابات المحلية، وسنحاسب أنفسنا، وسندرس الرسائل الصادرة عن الشعب".

 واعتبر أن: "الانتخابات المحلية ليست النهاية بالنسبة لنا، لكنها نقطة تحول".

ويتفق المحلل السياسي التركي، محمود علوش، مع هذا التعبير "نقطة تحول"، ويقول إن هذه النتائج "زلزال سياسي سيعيد تصميم السياسة الداخلية والحزبية بعد أكثر من عقدين على حكم حزب العدالة والتنمية".

كما اعتبر علوش أن الناخب التركي "قرر توجيه تحذير شديد القوة للرئيس أردوغان هذه المرة، فيما توَّج أكرم إمام أوغلو نفسه اليوم كأقوى زعيم معارض في حقبة العدالة والتنمية".

أما الأمل الباقي أمام هذا الحزب للبقاء في الحكم فهو "إنجاح خطة التعافي الاقتصادي قبل الربع الأخير من ولاية أردوغان الحالية"، كما يرى علوش.

لماذا خسر؟

وعن أسباب خسارة التحالف الحاكم يقول المحلل التركي لموقع "سكاي نيوز عربية"،:

الصوت الكردي عزز فرص إمام أوغلو حتى أمام مرشحة الحزب الكردي، ميرال دانيش بشتاش.
أداء حزب الخير (المعارض) كان غير موفق؛ ما مكَّن "الشعب الجمهوري" من الحفاظ على ناخبيه في إسطنبول.
الأصوات المحافظة (كان يذهب الكثير منها لحزب العدالة والتنمية) صوت بعضها لصالح حزب الرفاه الجديد الذي شكَّل الحصان الأسود في هذه الانتخابات وحلَّ ثالثا بين الأحزاب الفائزة.
الضغط الاقتصادي وزلزال فبراير

مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، محمد حامد، يضيف لما سبق الأسباب الاقتصادية كأحد أبرز محركات التصويت، ومنها:

استمرار الأزمة الاقتصادية رغم تعهد أردوغان في الانتخابات الرئاسية بأنه سيعمل على حلها بالخبرات التركية، وأعاد بالفعل وجوها قديمة، مثل وزير المالية والخزانة محمد شيمشك، لكن لم يحدث التقدم المأمول.
انهيار الليرة التركية أمام الدولار الأميركي، وارتفاع نسبة التضخم وضعف القدرة الشرائية.
رواج أحاديث حول فساد في المحليات وفي مجال المقاولات وبناء المنازل في جنوب البلاد، خاصة بعد وقوع زلزال كهرمان مرعش في تلك المنطقة.
وجرت الانتخابات بعد شهر ونصف من مرور الذكرى السنوية الأولى للزلزال الذي وقع 6 فبراير 2023، وترك مرارة قاسية في حلوق الأتراك؛ حيث قتل عشرات الآلاف منهم، وتضررت مئات آلاف المنازل، وقدَّر أردوغان الخسائر بشكل عام في تصريح له العام الماضي بحوالي 104 مليارات دولار.

وما زال 700 ألف شخص يعيشون في حاويات؛ انتظارا لتحقيق وعود الحكومة بتسليمهم منازل، فيما أعلنت وزارة البيئة، فبراير الماضي، أن نصف المباني الموعودة قيد الإنشاء، وسلم أردوغان مفاتيح أول 7 آلاف مسكن لعائلات في هاتاي، قائلا إن الهدف هو تسليم ما بين 15 و20 ألف منزل شهريا، ودعا المواطنين للوثوق به.

كما يشير حامد لخطوات المعارضة في بناء كيان قوي لها، خاصة بعد فوزها بالبلديات الكبرى في انتخابات 2019، وظهر ذلك في قدرتها على الاحتفاظ بهذه البلديات في 2024، بل وانتزعت بلديات يسيطر عليها التحالف الحاكم.

وألقى رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، خطابا بمقر الحزب، قائلا إن النتائج تؤكد أن "الشعب الجمهوري" سيقود سياسة جديدة بالبلاد، وأن الناخبين "قرروا اليوم تغيير صورة تركيا المستمرة منذ 22 عاما"، وفق ما نقله موقع صحيفة "زمان" التركية مساء الأحد.