
تمرّ قضية الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز اليوم عند مفترقٍ دقيق، حيث تتقاطع الاعتبارات الإنسانية مع مقتضيات القانون، وتتداخل السياسة بالتاريخ، وتُختبر فيها صلابة الدولة وعدالة مؤسساتها.
فالوضعية الصحية الحرجة التي يمرّ بها ليست تفصيلاً عارضاً، بل معطىً جوهرياً يفرض—شرعاً وقانوناً وأخلاقاً—صون الحق في العلاج والكرامة، وتجريد الملف من كل نزعة انتقامية أو توظيف سياسي.
إن الرجل ابنُ المؤسسة العسكرية، تخرّج من مدرستها الصارمة، وتشكّلت شخصيته على الانضباط والحزم وحساب الميدان. وحين انتقل إلى قيادة الدولة، حكم عشرية كاملة في ظرف إقليمي مضطرب، فثبّت الأمن، وبنى البنية التحتية، ورسّخ حضور الدولة، ورفع راية السيادة، ونسج لموريتانيا موقعاً معتبراً في محيطها الإقليمي والدولي. تلك حقائق التاريخ، لا تُمحى بالخلاف ولا تُختزل بالخصومة.
لكن السياسة—كما خبرناها- قلّابة؛ إذ احتشد حوله بالأمس ضباطٌ ووجهاء ومسؤولون وسياسيون، وهتفوا لمأمورية ثالثة، ثم ما إن تبدّلت الموازين حتى تنكّر كثيرون، وانفضّ الجمع، وبان الفرق بين من يصطفّ للمصلحة ومن يثبت للمبدأ.
ففي المحن تُعرف المعادن، وتُوزن الرجال. ولم يبقَ إلى جانبه اليوم إلا الأحرار والنبلاء، أصحاب الضمائر الحية، الذين اختاروا الوقوف مع الحق لا مع الغالب، والدفاع عن المظلومية لا عن المكاسب، والمطالبة-بكل الوسائل القانونية والشرعية والسياسية والدبلوماسية-بمنحه كامل حقوقه غير منقوصة. فالدولة القوية لا تخشى العدل، والشرعية الراسخة لا تهاب الإنصاف.
إن هذه القضية امتحان لضمير الوطن: إمّا أن ينتصر القانون فوق السياسة، والإنسان فوق الخصومة، أو نترك التاريخ يسجّل أننا فرّطنا في ميزان العدل.
والحقّ أحقُّ أن يُتّبع.
حبيب ولد سيد محمد ولد الدولة







(3).jpg)
.jpg)
.png)
.png)
.png)
.png)
.png)